للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

فَسَمَّاهُمْ (صُمًّا) وهو يقولُ: (إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا) فأطلقَ عليهم الصممَ مع أنه صَرَّحَ بأنهم يسمعونَ. وهذا معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الآخَرِ (١):

قُلْ مَا بَدَا لَكَ مِنْ زُوْرٍ وَمِنْ كَذِبٍ حِلْمِي أَصَمُّ وَأُذْنِي غَيْرُ صَمَّاءِ

يعني: حِلْمِي لا يُبَالِي بما تقولُ، وإن كانت أُذْنِي تسمعُه؛ ولذا قال هنا: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} لأنهم أحياءُ يسمعونَ عن اللَّهِ سماعَ تَفَهُّمٍ.

ثم قال: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} الموتى جَمْعُ (المَيِّتِ) ومثل (مَيِّتٍ) يُجْمَعُ على (مَوْتَى)، وقد يَطَّرِدُ الجمعُ على (فَعْلَى) في كُلِّ (فَعِيل) إذا كان يُرْثَى له. وكذلك (فَيْعِل) (٢) و (فَعِل) كـ (مَيِّتٍ ومَوْتَى) و (زَمِنٍ وَزَمْنَى)، هذا على الأَكْثَرِ، أما في (فَعِيل) بمعنَى (مفعول) إذا كان يُرْثَى لصاحبِه فَتَطَّرِدُ فيه: (فَعْلَى).

وأطبقَ العلماءُ على أن المرادَ بالموتى هنا: الكفارُ. لا يَكَادُ يختلفُ في هذا اثنانِ من علماءِ التفسيرِ (٣). كأنه يقولُ: إنما يستجيبُ


(١) أنشده ثعلب في مجالسه (٢/ ٣٧٨)، وهو في كتاب الحيوان للجاحظ (٤/ ٣٩٠)، واللسان (مادة: صمم) (٢/ ٤٧٦).
(٢) قال ابن هشام في تعداد أبنية الكثرة: «السابع»: «فَعْلَى» بفتح أوله وسكون ثانيه. وهو لما دل على آفة من (فَعِِيل) وصفاً للمفعول، كجريح وأسير. وحُمِل عليه ستة أوزان مما دل على آفة، من (فَعِيْل) وصفاً للفاعل، كمريض، و (فَعِل) كَزَمِن، و (فاعِل) كهالك، و (فَيْعِل) كميِّت، و (أفْعَل) كأحمق، و (فَعْلان) كسكران» اهـ أوضح المسالك (٣/ ٢٦٠).
(٣) انظر: ابن جرير (١١/ ٣٤١)، القرطبي (٦/ ٤١٧)، الأضواء (٢/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>