للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولاً ... بِأَنِّي عَنْ فُتاحَتِكُم غَنِيٌّ

أي: رسالة. وهذا معنى قوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} أي: مرسل من الله إليكم أيها الناس جميعًا. فقوله: {جَمِيعًا} يُعْرَبُ حَالاً ويُفسَّر توكيدًا. {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} في حال كونكم مجتمعين لم يشذ أحد منكم، بل رسالتي عامة لجميعكم في حال كونها شاملة لكم مجتمعين فيها. هذا معنى قوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.

ولما بيّن أنه مرسل من الله ذكر الله (جل وعلا) من صفات هذا الرب المُرسِل ما يدعو خلقه إلى القبول والامتثال، فبين أن هذه الرسالة جاءتكم من عند عظيم العظمة الكاملة، فهو جدير بأن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وألَاّ تكذَّب رسله ولا يُعصى؛ ولذا قال: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.

اختلف علماء العربية والتفسير في موضع قوله: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} من الإعراب (١): فقال قوم: إنه في محل خفض نعتٌ للجلالة في قوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ} إني رسول الله الذي له ملك السماوات والأرض. قالوا: ولا يضر الفصل بين الصفة والموصوف بقوله: {إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} لأنه معمول المضاف الذي هو {رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} قالوا: وربما حيل بين النعت والمنعوت حتى ولو بأجنبي، كقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)} [الواقعة: آية ٧٦].

وقال قوم: هذه الحيلولة بين الصفة والموصوف لا تُغتفر،


(١) انظر: الدر المصون (٥/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>