للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معانِي هذا بالتفصيلِ، فالمؤمنُ - مثلاً - إذا نَاظَرَ الجبريَّ يقولُ له: اعْلَمْ يا جَبْرِيُّ أن جميعَ الأسبابِ الذي اهتدى بها المهتدون، وأعطاها اللَّهُ لهم: أعطاكَ مِثْلَهَا: العيونُ التي أَبْصَرُوا بها آياتِ اللَّهِ وغرائبَه وعجائبَه فَآمَنُوا: أَعْطَاكَ عَيْنَيْنِ صحيحتين مثلَها، والقلوبُ التي فَهِمُوا بها عن اللَّهِ: أعطاكَ عَقْلاً صحيحًا مثلَها، والرسولُ النذيرُ الذي أَنْذَرَ الكلَّ وَخَوَّفَهُ وَبَيَّنَ له: أَعْطَاكَ مثلَه، فجميعُ ما أَعْطَاهُمْ أعطاكَ إِيَّاهُ، إلا أن الفرقَ بينَك وبينَهم في شيءٍ واحدٍ هو: أن اللَّهَ تَفَضَّلَ عليهم بالتوفيقِ إلى ما بَيَّنَ لهم وَأَمَرَهُمْ به، وأنتَ لم يَتَفَضَّلْ عليكَ، وتفضُّله بالتوفيقِ مُلْكُهُ الْمَحْضُ، مَنْ تَفَضَّلَ عليه فَفَضْلٌ، ومن مَنَعَهُ من التوفيقِ فَعَدْلٌ، كما قال جل وعلا: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: آية ١٤٩] مُلْكُهُ للتوفيقِ بمشيئتِه: حُجَّتُهُ البالغةُ على خَلْقِهِ، مَنْ أَعْطَاهُ فَفَضْلٌ، وَمَنْ مَنَعَهُ فَعَدْلٌ.

وقد بَيَّنَّا مناظرةَ عبدِ الجبارِ مع

<<  <  ج: ص:  >  >>