فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} لا دواء له إلا ذلك {إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأعراف: آية ٢٠٠].
الموضع الثاني: في سورة (قد أفلح المؤمنون) قال تعالى في عدوك من بني جنسك: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني: ادفع سيئات المسيئين بمقابلتها بالتي هي أحسن {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} ثم قال في العدو الثاني من شياطين الجن: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (٩٨)} [المؤمنون: الآيات ٩٦ - ٩٨].
الموضع الثالث: في (حم السجدة) زاد فيه تعالى أن هذا الدواء السماوي والعلاج القرآني الذي يَكْسِر عداوَةَ هَذَيْنِ العَدُوَّيْنِ لا يُعْطِيهِ الله لكلِّ أحد، وإنما يخص به مَنْ شَاءَ مِمَّنْ لَهُ عِنْدَهُ الحَظّ الأعْظَم، وزاد أن هذا دواء نافع وعلاج عظيم حيث قال في العدو من الإنس:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت: آية ٣٤] في غاية الصداقة؛ لأن مقابلة إساءته بالإحسان تخجله وتقضي على عداوته حتى يُضطر إلى أن يرجع صديقًا.
وقال:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُواْ}[فصلت: آية ٣٥] هذه الخصلة وهذا التعليم القرآني لا يُعطاه كل الناس، لا يعطيه الله إلا لصاحب الحظ والبخت العظيم عنده من الصابرين؛ ولذا قال: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} ثم قال في رفيقه الآخر: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)} [فصلت: الآيتان ٣٥، ٣٦] فهذا علاج قُرْآنِي ودوَاء سَمَاوِيّ نافع يحتاج إليه كل مسلم، ومحل هذا في غير الكفار المناصبين الناس بالعداوة، فالملاينة لهم لا تجوز؛ لأن الكفار يجب