للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستقيمَ، وَخَطَّ حولَه خطوطًا كثيرةً؛ لِيُبَيِّنَ أن دينَ اللَّهِ مستقيمٌ، وأن حولَه بِدَعًا، وبُنَيَّاتِ طُرُقٍ، مَنْ سَلَكَهَا ضَلَّ وَهَلَكَ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ} الآية [الأنعام: آية ١٥٣].

{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)} [الأنعام: الآيتان ٤٠، ٤١].

هذه الآيةُ الكريمةُ عَابَ اللَّهُ فيها الكفارَ بسخافةِ العقولِ (١)، وأنهم إذا نَزَلَتْ بهم شِدَّةٌ من عظائمِ الشِّدَدِ أَخْلَصُوا في ذلك الوقتِ الدعاءَ إلى اللَّهِ، وَتَرَكُوا دعاءَ غيرِ اللَّهِ؛ لِعِلْمِهِمْ بأنه لا ينفعُ ولا يضرُّ، فإذا نَجَّاهُمُ اللَّهُ من تلك الكربةِ، وأمِنوا: رَجَعُوا إلى ما كانوا عليهِ من الشركِ بالله. وهذه سخافةُ عقولٍ؛ لأنهم في وقتِ الشدائدِ يُخْلِصُونَ إلى اللَّهِ، ثم إذا كان في غير ذلك الوقتِ رَجَعُوا إلى ما كانوا عليه من الكفرِ!! وهذا ذمٌّ من اللَّهِ للكفارِ، ذَمَّهُمْ به في آياتٍ كثيرةٍ من كتابِه؛ ذلك أن الإنسانَ إذا نَزَلَتْ به عظيمةٌ من عظائمِ الشدةِ - في الدنيا - والأهوالِ فإن الالتجاءَ في ذلك الوقتِ إلى مَنْ يُنْقِذُهُ. هذا من


(١) سيأتي عند تفسير الآية (١٥١) من هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>