للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انتهيت من طوافك فأتنا. فلما أتاهم قال له أبو جهل: يا أبا الفضل متى حَدَثَتْ فيكم هذه النبية الجديدة؟! أما كفاكم أن تتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم! هي قالت: إنّا ننفر إلى مصارعنا في ثلاث، فسننتظر هذه الثلاث، وإن انقضت ولم يكن فيها شيء كتبنا عليكم أنكم أكذب بيت من العرب، فالعباس في ذلك الوقت لم يغضب ولم يقل شيئًا إلا أنه أنكر وجحد أن أخته رأت شيئًا، فلما كان بالليل ورجع إلى أهله وجد نساء بني عبد المطلب كلهن في شدة الغضب، وقلن له: هذا الفاسق يسب رجالنا ثم شرع يسب نساءنا وأنت لا تغيّر شيئًا؟! فأوغرن صدره عليه، وغضب العباس وندم على ما فات منه، وأصبح ينوي التعرض لأبي جهل لإن عاد إلى ذلك لينتقمن منه، وكان ذلك هو اليوم الثالث من أيام الرؤيا، فجاءه في المسجد يتعرض إليه وأبو جهل مشغول؛ لأنه يسمع صوت ضمضم بن عمرو والعباس لا يسمعه، كان أبو جهل حديد السمع، فرآه مشغولاً حتى وثب إلى باب المسجد فإذا ضمضم على بعيره يقول: «اللطيمة، اللطيمة». إلى آخر ما ذكرنا (١)،

فاشتغلوا وتجهزوا سراعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يظن محمد أنها كعِير ابن الحضرمي!! لا والله ليكونن غير ذلك، ثم إنهم تجهزوا مسرعين ولم يبق من أشراف قريش أحد.

وتخلف من أشرافهم: أبو لهب بن عبد المطلب -قبحه الله- واستأجر العاص بن هشام بن المغيرة لِدَيْنٍ كان له عليه، أنه يذهب مكانه وبدله إلى بدر-قبحه الله- ثم إنهم لما تهيؤوا للسفر قالوا: إن بينكم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة حربًا، إن خرجتم عن


(١) ابن هشام ٦٤٤ - ٦٤٧ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>