للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأثناءِ: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} [النمل: آية ٦٢] ثم قال: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [النمل: آية ٦٣] وفي القراءة الأخرى: {نُشْرًا بين يدي رحمته} (١)

ثم قال: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ} [النمل: آية ٦٤] هذه حقوقُ اللَّهِ الخالصةُ له، فنحن معاشرَ المؤمنين نُخْلِصُهَا لِلَّهِ، إرضاءً لِلَّهِ ولرسولِه - صلى الله عليه وسلم -، واقتداءً برسولِه؛ ولئلا نَتَعَدَّى حدودَ اللَّهِ، ونصرفَ حقوقَه لغيرِه، والكفارُ يعلمونَ هذا، ويعلمونَ أن هذه حقوقُ اللَّهِ الخالصةُ له، فإذا كان وقتُ الْجِدِّ، ورأوا الشدائدَ (٢)،

كَأَنْ يَهِيجُ عليهم البحرُ بأمواجِه وأهوالِه فيظنوا الموتَ، عند هذا يُخْلِصُونَ العبادةَ والدعاءَ لِلَّهِ وحدَه، فإذا أَنْجَاهُم اللَّهُ رجعوا إلى ما كانوا عليه، كما عَابَهُمْ فيه في آيةِ الأنعامِ هذه - التي نحن بِصَدَدِهَا- وأمثالُها في القرآنِ كثيرةٌ، كقولِه في سورةِ بني إسرائيلَ: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} [الإسراء: آية ٦٧] يعني: بِمَسِيسِ الضُّرِّ: إِنْ هَاجَتْ عليهم الأمواجُ، وَعَصَفَتِ الريحُ، وكادت السفينةُ تَغْرَقُ بما فيها {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ} أي: غَابَ عنكم كُلُّ ما كُنْتُمْ تدعونَه واضمحلَّ {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ} وأنقذَكم من ذلك الكربِ في البحرِ


(١) قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب: (نُشُراً) بضم النون والشين.
وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف. (نَشْراً).
وقرأ ابن عامر: (نُشْراً) بضم النون وسكون الشين.
وقرأ عاصم: (بُشْراً) بالباء. وسكون الشين.

انظر: المبسوط لابن مهران ص (٢٠٩).
(٢) انظر: أضواء البيان (٢/ ١٩٠ - ١٩٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>