أن معنَى {وَتَنْسَوْنَ} تَتْرُكُونَهُ عَمْدًا، تنسونَ الشركاءَ، أي: تَتْرُكُونَ دُعَاءَهَا وقتَ الشدةِ عمدًا؛ لِعِلْمِكُمْ بأن الكرباتِ والشدائدَ لا يكشفُها إلا اللَّهُ (جل وعلا)، فتتركونها عمدًا.
والنسيانُ يُطْلَقُ على تركِ الشيءِ عمدًا، كما قال:{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا}[الأعراف: آية ٥١] معناه: نَتْرُكُهُمْ عَمْدًا كما تَرَكُوا العملَ للقاءِ يومِ القيامةِ عمدًا. وهذا معروفٌ في كلامِ العربِ، أنها تُطْلِقُ النسيانَ على تركِ الفعلِ عمدًا، وتطلقُه على تَرْكِهِ نِسْيَانًا.
الوجهُ الثاني: أنه من شدةِ الهولِ نَسُوا غيرَ اللَّهِ (جل وعلا)، ولم يَخْطُرْ في أذهانِهم إلا اللَّهُ؛ لأنهم عارفونَ أنه لا يكشفُ الكرباتِ إلا هُوَ؛ ولذا قال:{وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ}.