للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم، و (المولى) وزنه في الميزان الصرفي (مَفْعَل) من الولاية، والمولى في لغة العرب (١): هو كُلّ مَنْ يَنْعَقِدُ بينك وبينه سبب يجعلك تُوَاليه ويُوَالِيكَ؛ ولذا كثر إطلاق الموْلَى على ابن العم؛ لأن عصبية العُمُومة تجعله ينتصر لك وتنتصر له. وقد أطلق الموالي على العصبة في قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: الآية ٣٣] العصبة الوارثون. ومنه قول الفضل بن العباس من ذرية أبي لهب (٢):

مَهْلاً بني عَمِّنَا مَهْلاً مَوَالينا ... لَا تُظْهِرُوا لَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا

ومن هذا المعنى قول طرفة بن العبد (٣):

وأَعْلمُ عِلْماً لَيْسَ بالظنِّ أَنَّهُ ... إِذَا ذَلَّ مَوْلَى المَرءِ فَهْوَ ذَلِيلُ

ولكون المولى في لغة العرب يطلق على كل مَنْ بَيْنَكَ وبينه سبب موالاة يُوَالِيكَ بِهَا وتوالِيهِ بها، وكثرت معانيه فأُطلق على بني العم، وعلى العصبة، وعلى المعتَقِين، والمُعْتِقِين بالفتح والكسر، وعلى الناصر، وعلى الصاحب. لأن كلاًّ ينعقد بينك وبينه سبب، فلما انعقد بين الكفار وبين النار سبب تجعلهم يدخلونها، ويخلدون فيها، وهي تؤذيهم بِحَرِّهَا قال تعالى: {هِيَ مَوْلَاكُمْ} [الحديد: الآية ١٥] فجعل النار مولاهم لانعقاد السبب بَيْنَهُمْ وبينها بكفرهم،


(١) مضى عند تفسير الآية (٥١) من سورة الأنعام.
(٢) البيت في الكامل للمبرد (٣/ ١٤١٠)، القرطبي (١١/ ٧٨)، الدر المصون (٧/ ٥٦٧). وقائله هو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، من شعراء بني أمية. وصدر الشطر الثاني: «لا تنبشوا بيننا».
(٣) مضى عند تفسير الآية (١١٦) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>