للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سِيبَوَيْهِ - في كتابِه (١). وباختلافِ القولين يختلفُ وَزْنُ (الشيطانِ) بالميزانِ الصرفيِّ، فجماعةٌ مِنَ العلماءِ - وهو أَصَحُّ القولين - قالوا: إن مادةَ (الشيطانِ) أصلُها من (شَطَنَ)، ففاءُ المادةِ شِينٌ، وعينُها طاءٌ، وَلَامُهَا نونٌ، (شَطَنَ). ومعنى هذه المادةِ في لغةِ العربِ معناها: البعدُ، فَكُلُّ شيءٍ شَطَنَ فهو بعيدٌ جِدًّا. وهو معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الشاعرِ (٢):

نَأَتْ بِسُعَادَ عَنْكَ نَوًى شَطُونُ فَبَانَتْ وَالْفُؤَادُ بِهَا حَزِينُ

«نوى شطون» أي: بعيدةٌ. ومما يدلُّ على أن (الشيطانَ) أصلُه من (شطن) قولُ أُمَيَّةَ بنِ أبي الصلتِ الثقفيِّ - وهو عربيٌّ قُحٌّ - يمدحُ سليمانَ بنَ داودَ (عليهما الصلاةُ والسلامُ وعلى نَبِيِّنَا)، قال في مدحه (٣):

أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالأَكْبَالِ

عَبَّرَ عن (الشيطانِ) بالشاطنِ، والشاطنُ: اسمُ فاعلِ (شَطَنَ) بلا خلافٍ، وهذا مما يؤيدُ أن مادةَ (الشيطانِ) من (شَطَنَ) بمعنى بَعُدَ.


(١) الكتاب (٣/ ٢١٧ - ٢١٨).
(٢) البيت للنابغة، وهو في ديوانه ص٧٢ والمثبت في الديوان وغيره من المصادر التي وقفت عليها: «رهين» بدلا من: «حزين».
(٣) البيت في المقاييس في اللغة ص ٥٢٥، ابن جرير (١/ ١١٢)، اللسان (مادة: شطن) (٢/ ٣١٧)، القرطبي (١/ ٩٠)، الدر المصون (١/ ١٠).
ومعنى (عكاه) أي: شَدَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>