للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشيء المرتفع تسمّيه العرب (نبيّاً) والنّبْوة: الارتفاع، ومنه قيل لكثيب الرمل: (نبي) أي: لأنه مرتفع، وهو معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (١):

إِلَى السَّيِّدِ الصَّعْبِ لَوْ أَنَّهُ ... يَقُومُ عَلَى ذرْوَةِ الصَّاقِبِ ...

لأَصْبَحَ رَتماً دُقاقُ الحَصَى ... مَكَانَ النَّبِيِّ مِنَ الكَاثِبِ

يعني بالنبي: كثيِب رمل مرتفع. وهذا معنى قوله: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} أي: كافيك الله من أمور الدنيا والآخرة فإنه يكفيك أعداءك، ويعينك على من نَاوَأَكَ منهم.

وقوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فيه وجهان من التفسير معروفان (٢): قال قومٌ من علماء التفسير: إن قوله: {وَمَنِ} في محل رفع، وأنه معطوف على لفظ الجلالة، أي: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، يعينك الله ويؤيدك الله بالمؤمنين. وهذا مروي عن الحسن البصري. والذين قالوا هذا القول قالوا: هذه الآية مكية جُعلت في سورة الأنفال وهي مدنية بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، وزعموا أنها نزلت عندما أسلم عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- والنبي وأصحابه مختفون في دار الأرقم ابن أبي الأرقم في مَكَّةَ، وأن عمر أظهر إسلامه حتى صلوا في المسجد، وما كانوا يقدرون، وأن الله


(١) مضى عند تفسير الآية (١٥٨) من سورة الأعراف. ولفظ الشطر الأول في ديوان:
عَلَى الأَرْوَعِ السَّقْبِ لَوْ أَنَّهُ ... .......................................
(٢) انظر: ابن جرير (١٤/ ٤٩)، القرطبي (٨/ ٤٣)، الأضواء (٢/ ٤١٦)، ولابن القيم (رحمه الله) تحقيق جيد في معنى الآية ذكره في زاد المعاد (١/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>