للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} وقرأه نافع وحده من السبعة: {يَأَيُّهَا النَّبِيء حَسْبُكَ اللهُ} بالهمزة (١).

أما على قراءة نافع فهو من النبأ بلا خلاف. وقد قدمنا مراراً (٢) أن النبأ في لغة العرب: الخبر الذي له خطب وشأن، فكل نبأٍ خبراً وليس كل خبر نبأً؛ لأن النَّبَأَ أخَصّ مِنْ مُطْلَقِ الخَبَرِ؛ إِذْ لَا تَكَادُ العَرَبُ تُطْلِق النبأ إلا على الإخبار بما فيه أهَمِّيَّة وله خطب وشأن، فلو قلت: جاءنا اليوم نَبَأُ الأَمِيرِ، أو نبأ الجيوش. كان هذا من كلام العرب؛ لأنه خَبَرٌ لَهُ خَطْبٌ وشأن، ولو قلت: بلغني اليوم نَبَأٌ عَنْ حِمَار الحجَّام. لما كان هذا من كلام العرب؛ لأن خبر حمار الحجام لا أهمية له ولا شأن ولا خَطْبَ لَهُ.

أما على قراءة الجمهور: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ} فقال بعض العلماء: معناه كمعنى قراءة نافع، إلا أن الهمزة أُبْدِلَتْ يَاءً كَمَا أبدلت همزة (النسيء) في قوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: الآية ٣٧] أُبدلت ياءً في قراءة سَبْعِيَّة صحيحة (٣) {إِنَّمَا النَّسِيُّ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} وبها قرأ ورش عن نافع وغيره، وعلى هذا القول فالقراءتان معناهما واحد.

وقال بعض العلماء: (النبي) على قراءة الجمهور ليس من النبأ الذي هو الخبر وإنما هو من (النَّبْوَة) بمعنى الارتفاع؛ لأن النبي يوحى إليه وحيٌ، وهو خبرٌ له شأن وخطب؛ ولأن له مكانة رفيعة،


(١) مضى عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام.
(٢) مضى عند تفسير الآية (٨٩) من سورة الأنعام.
(٣) مضى عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>