للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو التحقيق - إن شاء الله - أن المعنى: يكفيك الله ويكفي جميع أتباعك.

وفي هذين ترغيب عظيم في الإسلام؛ لأَنَّ مَنِ اتَّبَع النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَفَاهُ الله كما كفى نبيّه صلى الله عليه وسلم.

وهذا التفسير هو الذي عليه جُمْهُور عُلَماء المفَسِّرِين، وهو الذي دل عليه استقراء القرآن كما بيّنّا، إلا أنه يَرِدُ عليه سؤال عربي نحوي: وهو أن يقول طالب العلم: قررتم أن التحقيق أن (من) من قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} معطوفة على الكاف في قوله: {حَسْبُكَ} (١) أي: حَسْبُكَ اللهُ وَحَسْبُ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ. والمقرَّر عند جماعة من علماء العربية أن الضمير المخْفُوض لا يجوز العطف عليه إلا بإعادة الخَافِض، وهنا لم يُعد الخافض.

وأُجيب عن هذا السؤال من أربعة أوْجُه (٢):

أحدها: أن هذه القضية غير مسلَّمة (٣)، وأن جماعة من علماء العربية أصحاب علم وتحقيق قالوا: لا مانع مِنَ العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض. وهو رأي ابن مالك - رحمه الله - لأنه لما ذكر المذهب الأول بقوله في خلاصته (٤):

وعَوْدُ خَافضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى ... ضَميرِ خَفْضٍ لَازِماً قد جُعِلَا

قال بعده:

وَلَيْسَ عندي لازماً إذْ قَدْ أَتَى ... فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحِيحِ مُثْبَتَا


(١) مضى عند تفسير الآية (٥٩) من هذه السورة.
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٥١٥)، الدر المصون (٥/ ٦٣١)، الأضواء (٢/ ٤١٧).
(٣) أطال ابن مالك (رحمه الله) في إبطالها. انظر شرح الكافية (٣/ ١٢٤٦ - ١٢٥٥).
(٤) الخلاصة ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>