للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومراده بالنثر الصحيح: قراءة حمزة - رحمه الله - {وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} [النساء: الآية ١] بخفض ميم الأرحام معطوفة على الضمير المجرور في قوله: (به) من غير إعادة الخافض، وهي قراءة سَبْعِيَّة صحيحة (١)، فمعلوم أن اللغة التي جاءت بها لا بد أن تكون لغة عَرَبِيَّة صَحِيحة، وهو كذلك. وقد اشتهر في أشعار العرب العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وأنْشَدَ له الشيخ سيبويه في كتابه (٢):

فَاليومَ قرَّبْتَ تَهْجُونَا وتَشْتِمُنَا ... فَاذْهَبْ فما بِكَ والأيَّامِ منْ عَجَبِ

فعطف الأيام على الضَّمِيرِ المجرور بالباء مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الخَافض، وهو كثير في أشعار العرب، ومِنْهُ قَوْلُ الآخر (٣):

نُعَلِّقُ في مثْلِ السَّوارِي سُيُوفَنَا ... وَمَا بَيْنَهَا والكَعْبِ مَهْوَى النَّفَانِفِ

فقوله: «والكعب» معطوف على الضَّمِير المجرور من غير إعادة الخافض. ونظيره قول الآخر (٤):

لَقَدْ رَامَ آفَاقَ السَّمَاءَ فَلَمْ يَجِدْ ... لَهُ مَصْعَداً فِيهَا وَلَا الأَرْضَ مَقْعَدَا

فعطف الأرض على الضَّمِيرِ المَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إِعَادة الخافض، ونظيره قول الآخر (٥):

أَمُرُّ مَعَ الكَتِيبَةِ لَا أُبَالِي ... أَحَتْفي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا


(١) انظر: المبسوط لابن مهران ص ١٧٥.
(٢) الكتاب (٢/ ٣٨٣)، وهو في شرح الكافية (٣/ ١٢٥٠).
(٣) البيت في شرح الكافية (٣/ ٢١٥١).
(٤) البيت في تفسير القرطبي (١/ ١٦٩)، تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن لأبي جعفر الأندلسي ص ١٦٩.
(٥) البيت للعباس بن مرداس. وقد ورد شطره الأول بروايات متعددة؛
• ففي بعض المصادر کمعجم الشعراء للمرزباني ص ٢٦٢: أَشُدُّ على الكتيبة لا أُبالي
• وفي بعضها كالاستيعاب (٣/ ١٠٢): أُقاتِل في الكتيبة لا أُبالي
• وفي بعضها كإعتاب الكتاب لابن الأَبَّار ص ٩٠: أكُرُّ على الكتيبة لا أُبالي
• وفي تفسير القرطبي (٥/ ٥): أمُرُّ على الكتيبة لَسْتُ أدري

<<  <  ج: ص:  >  >>