للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضَ مَنْ يلقُونَكم في هذا الجَيْش خرجُوا مُسْتَكْرَهِين، فَمَنْ لقَي منكم العبَّاسَ فلا يَقْتُلْهُ؛ لأنَّهُ أَكْرَهَهُ قَوْمُهُ على الخُرُوج، ومَنْ لَقِيَ أبَا البَخْتَرِيِّ فلا يَقْتُلْهُ».

وكان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة (رضي الله عنه) وقعت منه زلّة يوم بدر، وكان يقول: منذ سقطت مني تلك الكلمة وأنا أخافها لا آمن منها أبداً حتى يكفّرها الله عني بالشهادة. فقُتل شهيداً أيام اليمامة (رضي الله عنه). وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: «مَنْ لَقِيَ مِنْكُم العَبَّاسَ فَلا يقْتُلْهُ فإنَّهُ خَرَج مُسْتَكْرَهاً». قال أبو حذيفة بن عتبه (رضي الله عنه): أنقتل آباءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس؟! والله إن لقيته لألجمنَّه السيف. فسمع بها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أنه قال لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «يا أبا حفص» - قال عمر: ما كنّاني أبا حفص قبل ذلك اليوم - «أيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ»؟ فقال: إنه نافق دعني أقتله (١).

وكان أبو حذيفة (رضي الله عنه) يتخوّف من كلمته هذه حتى رَزَقَهُ اللهُ المَوْتَ شهيداً أيام اليمامة. وكذلك نهى عن أبي البختري؛ لأنه كان يُحْسِن إلى بَنِي هاشم أيام كونهم في الشِّعب لما قاطعهم قريش، وكان يعاملهم معاملة حسنة ولم يؤْذِهِمْ، فجاءه المُجَذَّر بن زياد البلوي (رضي الله عنه) فقال: أما أنت فقد نهانا عنك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وكان له زميل، فقال له: وزميلي؟ فقال: أما زميلك فلم ينهنا عنه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وأراد المجذّر أن يقتل زميله، فتعرّض دونه وقال (٢):


(١) السابق.
(٢) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>