للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يُسْلِمُ ابْنُ حُرَّةٍ زَمِيلَهُ ... حتَّى يمُوتَ أوْ يَرَى سَبِيلَهُ ...

لَا يُفارِقْ جَزَعاً أكِيلَهُ

وتراجز هو والمجذّر (رضي الله عنه) وكان ذلك يقول (١):

أَنَا الَّذِي أَزْعُمُ أَصْلِي مِنْ بَلِي ... أَضرِبُ بالحربة حتى تَنْثَني

فقتله المجذر لما جاء دون زميله. وكان العباس (رضي الله عنه) أسَرَهُ رَجُلٌ قَصِير ليس بالقوي من الأنصار هو كعب بن عمرو (رضي الله عنه) وهو المشهور بكنيته أبي اليسر، وهو أخو بني سلمة. ذكر بعض أصْحَابِ المَغَازِي (٢) أن العباس كان يَئِنّ أنيناً في الأسر، فسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أنينه فلم يَسْتَطِعْ أَنْ يَنَام حتى خففوا عليه الوثاق فَسَكَت، فلما سكت نام صلى الله عليه وسلم. وعلى كل حال فالعباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) لما أرسل قريش في فداء أسراهم كان الأسير يُفْدَى بأربعين أوقية، قال أصحاب المغازي: أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يُضعفوا الفداء على العبّاس فأخذوا منه ثمانين أوقية، وضاعت له عشرون أوقية أخذوها منه لما أسروه، وفدى ابني أخويه عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وفدى حليفه عتبة بن عمرو أخا بني الحارث بن فهر، فصار دفع مالاً كثيراً لم يدفعه غيره، فمن هنا قالوا: نزلت فيه هذه الآية الكريمة مع أنها نازلة في جميع أسرى بدر، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، فلَفْظُ الآية عام، وهذه القاعدة قاعدة معروفة قويَّة يستدل بها علماء الأصول على أنَّ الآيَات النازلة في أسباب خاصة أحكامها


(١) السابق.
(٢) أخرجه البيهقي في الدلائل (٣/ ١٤١) من طريق ابن إسحاق، وعنهما أورده ابن كثير في تاريخه (٣/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>