للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عامة، ولا تخصّص بأسبابها (١)، ومن المشهور في أمثلتها: المثال لها بهذه الآية من أخريات سورة الأنفال، أنها نزلت في العباس بن عبد المطلب وحكمها عام.

ومن الأدلّة الدالة على هذه القاعدة الأصولية المهِمَّة المُعِينَة في التفسير -وهي أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب- دلّ عليها الحديث الصحيح واللغة، أما ما دلّ على ذلك من الأحاديث فهو ما سيأتي في سورة هود -إن شاء الله- من أن سورة هود نزلت فيها آيات مَدَنِيَّة وهي سورة مكية كما قال غير واحد من العلماء أن قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)} [هود: الآية ١١٤] نزلت في الأنصاري الذي جاءته المرأة تبتاع تمراً فأعجب بجمالها، وكان زوجها غائباً في الجهاد، فقال لها: إن في البيت تمراً أحسن من هذا. فلما دخلت البيت كان بينه وبينها بعض ما لا يليق من صغائر الذنوب، ثم إنّه ندم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأنزل الله فيه: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} تعني: فصلواتك الخمس تذهب عنك هذه السيئة التي اقترفت من هذه المرأة. فقال الرجل -كما في صحيح البخاري وغيره- ألي هذا وحدي يا رَسُول الله؟ وسؤال هذا الأنصاري هو سؤال عن هذه النازلة، كأنه يقول: آلعبرة بي لأنني سبب النزول، أو العبرة بعموم لفظ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فأجابه صلى الله عليه وسلم: «بَلْ لأُمَّتِي كُلِّهِمْ» (٢). فَدَلّ على أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، ومن النصوص الدالة على هذه القاعدة: هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في


(١) راجع ما سبق عند تفسير الآية (٥٧) من سورة الأنعام.
(٢) مضى عند تفسير الآية (٣١) من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>