للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيح أنه أيقظ فاطمة وعليّاً (رضي الله عنهما) ليصليا بالليل، فقال له علي (رضي الله عنه): إن أرواحنا بيد الله إنْ شَاءَ بَعَثَنَا. فَوَلّى صلى الله عليه وسلم يَضْرِبُ فَخِذَهُ ويقول: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف: الآية ٥٤] (١).

مع أن قوله تعالى: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} نزلت في الكفار الذين يجادلون في كتاب الله، فاعتبر النبي عمومها حتى جعله شاملاً لخصام علي له ومجادلته له؛ بأن أرواحهم بيد الله؛ لأن الله قال: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ} الكافر مع وضوح القرآن وأدلته وتصريف أساليبه {أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف: الآية ٥٤] وخصاماً بالباطل.

ومما يدل على هذا مِنَ اللّغة: إِجْمَاعُ أهْلِ اللِّسَان العربي أن الرَّجُلَ لو كان له أربع زوجات فَقَامَتْ إِحْدَاهُنَّ وَسَبَّتْ هذا الرجل وأغضبته فقال: أنتن كلكن طوالق. فإنهن كلهنّ يطلقن بحسب المدلول العربي ولا يختص بالمرأة التي أغضبته فاستوجبت الطلاق كما لا يخفى. وهذه الآية الكريمة نزلت في العباس بن عبد المطلب، وحكمها عام لمن معه، وظاهرها يشمل جميع الأسرى؛ لأنه قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى} [الأنفال: الآية ٧٠] قرأ هذا الحرف عامّة القراء غير نافع: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم} بالإدغام.

وقرأه نافع وحده من السبعة: {يا أيها النبيء} بالهمزة من غير إدغام، ونافع قرأ لفظ النبيء والأنبئاء في جميع القرآن بالهمزة


(١) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>