للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} العبّاس بن عبد المطلب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبيّ الله: احسب لي العشرين أوقية التي أخذوها منّي، كانت من مالٍ معي. قال: «لَا، ذَلِكَ مَالٌ أَعْطَانَاهُ اللهُ مِنْكَ فَلَا نَحْسِبُهُ لَكَ أَبَداً» وضاعف عليه الفداء، وأمَرَهُ بِمُفَادَاةِ ابْنَيْ أَخَوَيْهِ. فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، لقد تركتني أَتَكَفَّفُ قُرَيْشاً إلى يوم القيامة فَقِيراً. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ المَالُ الَّذِي دَفَنْتَهُ أنْتَ وأم الفَضْلِ لما أرَدْت الخُرُوجَ»؟ فقال له: وما ذلك المال؟ قال له: «الذَّهَب الذي دفنْتَهُ أنت وأمّ الفَضْلِ، وقلت لها: ما أدْرِي ما يُصِيبُنِي فِي وَجْهِي هَذَا، فَإِنْ حَدَثَ بي حَدَتٌ في سَفَرِي هذا فهذا المال لَكِ وَلِبَنِي: الفَضْل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم. ودفنتم المَالَ». فقال: أشهد أنك رَسُول الله، والله ما علم بهذا أحدٌ غيري وغير أمّ الفَضْل (١). وهي لُبَابة الصغرى بنت الحارث، أم أولاد العبّاس بن عبد المطلب، وهي هلالية مشهورة. لما أخذوا منهم هذا المال وكان الأسارى يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: نحن مسلمون آمنّا بك وصدّقناك وشهدنا أنك رَسُول الله، ووالله لننصحنّ لك على قومنا، ولا تأخذ منّا شيئاً. فأنزل الله فيهم: {إِن يَعْلَمِ اللَّّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} (خيراً) هنا جاء مرتين {إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} الأولى منهما ليست صيغة تفضيل، والثانية منهما صيغة تفضيل، والدليل على أنها صيغة تفضيل اقترانها بـ (من) لأَنّ صِيغَةَ التَّفْضِيل المجردة تُقترن بـ (من) دائماً لفظاً أو تقديراً.

معناه: إن يعلم الله في قلوبكم إسلاماً وإيماناً صَحِيحاً وتصديقاً كما تزعمون يؤتكم خيراً، أي: شَيْئاً أخْيَرَ وأفْضَل مما أُخِذَ منكم مِنَ الفِدَاء.


(١) تقدم تخريجه عند تفسير الآية (١٢) من هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>