للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني من حطام الدنيا وعرضها، ومن نعيم الجنة، ويغفر الله لكم أيضاً.

وقوله {يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} يدل على أن محل نَظَرِ اللهِ من عبده إنما هو القلوب كما جاء بذلك الحديث؛ لأن القلب هو الذي ينظر الله إليه فيعلم فيه الخير والشر؛ ولذا قال: {إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} والله (جل وعلا) عالمٌ بما في الضمائر وما يخطر في القلوب {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق: الآية ١٦] وقد بيّن القرآن العظيم في مواضع منه أنّ علم الله الإيمان والإخلاص في قلب الإنسان تكون له فوائد عظيمة، من تلك الفوائد: ما ذكره هنا في أخريات الأنفال في قوله: {إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} ومنها قوله في سورة الفتح: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: الآية ١٨] فَكَنّى عما في قلوبهم بالاسم المبْهَمِ الَّذِي هُوَ الاسْمُ الموْصول. يعني أنه إيمان كما ينبغي وإخلاص كما ينبغي، ترتّب على ذلك نتائج عظيمة كثيرة كقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ} [الفتح: الآية ٢٠] وكقوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} [الفتح: الآية ٢١] أي: فأقدركم عليها، وكقوله جل وعلا: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَاّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب: الآية ٢٢] هذا الإيمان والتسليم الذي علمه الله في قلوبهم رتّب عليه نتائج عظيمة مفيدة منها قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: الآية ٢٥] إلى آخر الآيات.

وهذه الآيات ينبغي لنا أن نعتبر بها فنطهّر قلوبنا، ويكون ربنا يعلم منها الخير، ولا يعلم منها الشر؛ لأن ذلك يُسَبِّبُ لَنَا نَتَائِجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>