للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطَّلِعٌ عَلَى ما يسره خلقه، ومع هذا فإنَّهم لا حياء عندهم ولا ماء في وجوههم، لا يستحون ممن خَلَقَهُمْ (جل وعلا) وهو معهم أيْنَمَا كانوا، مراقب على خطرات قلوبهم وجميع أعمالهم. فعلى العاقل أن يَنْتَبِهَ لهذه الآيات، ويعلم أن ربَّهُ حَكِيم عليم، يعلم خائِنَةَ الأعْيُنِ وما تُخْفِي الصُّدُور. {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق: الآية ١٦] فيعلم أَنَّ رَبَّهُ نَاظِر إليه مطلع عليه، فلا يفعل أمام ربه إلا ما يرضي ربه (جل وعلا)، أما أن يُبَارِزَ رَبَّهُ بالمَعَاصِي بوجه لا حياء فيه ولا ماء فهذا مما لا ينبغي؛ ولذا يقول (جل وعلا) بعد كُلِّ أَمْرٍ وَنَهْي: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} {بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} إلى غير ذلك من الآيات التي بمعناها.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢)} [الأنفال: الآية ٧٢].

قرأ هذا الحرف عامة القراء غير حمزة وحده: {مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم} بفتح الواو، وقرأه من السبعة حمزة وحده: {ما لكم من وِلايتِهِم مِن شَيْء} بكسر الواو (١). والتحقيق أن الوَلاية والوِلاية معنيان صحيحان، ولغتان فصيحتان، وقراءتان سَبْعِيَّتَانِ، فما يذكر عن الأصمعي من أنه يقول: «إن قراءة حمزة خطأ». هو الذي أخطأ فيه (٢)، أما قراءة حمزة فهي قراءة صحيحة، ولغة معروفة فصيحة،


(١) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢٢٤.
(٢) انظر: الدر المصون (٥/ ٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>