للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالوَلاية والوِلاية كالدَّلالة والدِّلالة، فهما لغتان عَرَبِيَّتَانِ وقِرَاءَتَانِ سَبْعِيَّتَانِ فَصِيحَتَانِ.

وكان المسلمون في أول الإسلام يَتَوَارَثُونَ بالهِجْرَةِ والمؤاخاة دون القرابات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل المهاجرون بالأنصار والمهاجرون فقراء آخَى بَيْنَ المُهَاجرين والأنصار، فصاروا يتوارثون بتلك الأخوة دون القرابات، فإذا مات واحد منهم ورثه أخوه الذي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وبَيْنَهُ دون قرابته، وكان الذين لم يهاجروا لا إِرْثَ لهم في إِخْوَانهم الذين هاجروا؛ لأنها كانت بالهجرة والمؤاخاة، ونسخ الله -تعالى- ذلك بقوله: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: الآية ٧٥] كما سيأتي إيضاحه.

ومعنى الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} هذه أولاً في المهاجرين، الله (جل وعلا) كأنه قَسَّمَ المؤْمِنِينَ طَوَائِف، طائفة هم المهاجرون ذكرهم بقوله: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ} آمَنُوا بِاللهِ ورسوله وهاجروا أوطانهم وديارهم وأموالهم في سبيل الله (جل وعلا) وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم؛ لأنهم جعلوا أموالهم في مؤن الجهاد من شراء السلاح، والمراكب للقتال، ومؤن القتال، وجاهدوا بأنفسهم حيث عرّضوها للموت وللخطر في الجهاد، كل هذا في سبيل الله {إِنَّ الذّينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ} الهِجْرَة كانت هجرة متعددة متنوعة أولها الهجرة إلى الحبشة -وقد هاجروا إلى الحبشة مرتين- ثم الهجرة إلى المدينة، وكانت الهجرة إلى المدينة واجبة، وكان الذي أسلم ولم يهاجر كالذي يسلم ويبقى في البَوَادِي مِنَ الأعراب لا يرث من أخيه المسلم المهاجر شيئاً، وكان الذين أسلموا ولم يهاجروا لا نصيب لهم فِي الغَنَائِمِ، ولا في الخمُس، ولا في

<<  <  ج: ص:  >  >>