للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عَنْهُ ورسوله كما هو معلوم. وهذا معنى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ} [الأنفال: الآية ٧٢] مفعول (آووا) ومفعول (نصروا) كلاهما محذوف لدلالة المقام عليه، والمعنى: آوَوْا الذين هَاجَرُوا إِلَيْهِمْ وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونصروهم. وهؤلاء الذين آووا ونصروا هم الأنصار أبناء قَيْلَة، الذين كانوا من سكان المدينة، الذين هاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وقوله: {ءَاوَواْ} العرب تقول: آواه يؤويه إيواءً: إذا جَعَلَ لَهُ مَأْوًى يَنْضَمُّ إِلَيْهِ؛ أي: جعل له مسكناً ومَنْزِلاً يَسْكُنُ إِلَيْهِ؛ لأنهم أسكنوهم في ديارهم، وشَاطَرُوهُمْ أمْوَالَهم، وهيئوا لهم كل أسباب الرَّاحَةِ، وذلك معنى إيوائهم لهم. ونصروهم، النصر في لغة العرب: إعانة المظلوم؛ أي: أعَانُوهُمْ عَلَى أعدائهم حتى تمكن الإسلام وانْتَشَرَ وفُتحِتْ مَكَّة، وفتحت جميع جزيرة العرب، وانْتَشَرَ بَعْدَ ذلك الإسلام في أقطار الدنيا. {وَالذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوا} والمعنى: إن المهاجرين والأنصار بعضهم أولياء بعض. فعبَّر عن المهاجرين بلفظ: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وعبّر عن الأنصار بـ {وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ} لأنهم آووا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونصروهم على أعدائهم. {أُوْلَئِكَ} أصل قوله: {الَّذِينَ} مبتدأ، وقوله: {أُوْلَئِكَ} مبتدأ، والمبتدأ وخبره خبر المبتدأ الأول، فلما دخلت (إن) صار المبتدأ الأول اسمها، والمبتدأ الأخير وخبره خبر (إن) كما هو معروف لا يخفى. هذا معنى {أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}. معناه: أن المهاجرين أولياء الأنصار، والأنصار أولياء المهاجرين، فبعض المهاجرين أولياء المهاجرين والأنصار، وبعض الأنصار أولياء

<<  <  ج: ص:  >  >>