في آياتٍ، كقولِه في سورةِ هودٍ فيهم:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}[هود: ٩٤] وهم مدينُ بِلَا نزاعٍ {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)} [هود: الآيتان ٩٤، ٩٥] والآياتُ في مثلِ هذا معروفةٌ، وهذا معنَى قولِه:{وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ}.
{وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} المؤتفكاتُ: هي قُرَى قومِ لوطٍ، وهي المذكورةُ في قولِه:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم: الآية ٥٣] وقد قدَّمنا (١) أن (الأفكَ) في لغةِ العربِ معناه قلبُ الشيءِ، وسُمِّيَ أسوأُ الكذبِ إِفْكًا لأنه قَلْبٌ للحقيقةِ عَنْ وَجْهِهَا الصحيحِ إلى وجهِها الباطلِ، وإنما قيل لِقُرَى قومِه {الْمُؤْتَفِكَاتِ} وَسُمِّيَتِ (المُؤْتَفَكَةَ) لأَنَّ جبريلَ - عليه السلامُ - أَفِكَهَا أي قَلَبَهَا حيث اقْتَلَعَهَا من الأرضِ وَرَفَعَهَا إلى السماءِ، وَجَعَلَ أعلاها أسفلَها، فمعنَى ائتفاكِها أَوْضَحَهُ اللَّهُ بقولِه:{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}[الحجر: الآية ٧٤] فما جُعِلَ عاليه سافلَه فقد أُفِكَ {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} أي: المجعول أعلَاها أسفلَها؛ لأن الْمَلَكَ قَلَبَهَا، كما صَرَّحَ به بقولِه:{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} وهذا معنَى قولِه: {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ}.