للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماءُ أن ما يُدْفَعُ للكاهنِ من الحلوانِ وللعرافِ أنه مِمَّا لَا يجوزُ، كُلُّ تلك المكاسبِ بإجماعِ العلماءِ (١)

باطلةٌ، كالذي يُعْطَى للكاهنِ لكهانتِه وَيُسَمَّى حلوانًا، والذي يُعْطَى للنائحِ في نياحتِه، والذي يُعْطَى للمُغَنِّي في غِنَائِهِ، والذي يُعْطَى لِكُلِّ مُبْطِلٍ وَلَهْوٍ، والذي يُعْطَى لاطِّلَاعِ الغيبِ، كُلُّ ذلك من المكاسبِ السيئةِ التي هي حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ العلماءِ، لا يجوزُ شيءٌ منها.

ومعنى قولِه: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} {وَعِندَهُ} أي: عِنْدَ اللَّهِ وحدَه جل وعلا {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} في مفردِ المفاتحِ هنا وَجْهَانِ معروفانِ عندَ العلماءِ (٢):

أحدُهما: أن مُفْرَدَ الْمَفَاتِحِ هنا (مَفتح) بفتحِ الميمِ، و (المَفتح) بفتحِ الميمِ هو الخزانةُ. وعلى هذا فالقولُ {وَعِندَهُ} جل وعلا {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} أي: خزائنُ الغيبِ، يعلمُ كُلَّ ما يغيبُ مِمَّا يَجْهَلُهُ خَلْقُهُ. وهذا مَرْوِيٌّ عن ابنِ عباسٍ، وَجَزَم به السديُّ.

القولُ الثاني: أن واحدَ المفاتحِ في هذه الآيةِ أنه (مِفْتَح) بكسرِ الميمِ. و (المِفتحُ) بكسرِ الميمِ هو المفتاحُ. وقد تقررَ في فَنِّ التصريفِ أن (المِفْعَل) وزنٌ قياسيٌّ لآلاتِ الفعلِ، و (المفْتَح): آلةُ الفتحِ، فهو أَمْرٌ قِيَاسِيٌّ، بحسبِ الميزانِ الصرفيِّ (٣) أن يكونَ على (مِفْعَل) ويأتِي على مفتاح (مِفْعَال) أيضا.


(١) انظر: الكافي لابن عبد البر ص١٩١، القرطبي (٧/ ٣)، الأضواء (٢/ ١٩٨) ..
(٢) انظر: ابن جرير (١١/ ٤٠١)، القرطبي (٧/ ١)، البحر المحيط (٤/ ١٤٤)، الدر المصون (٤/ ٦٥٩)، أضواء البيان (٢/ ١٩٥).
(٣) انظر: ضياء السالك (٣/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>