للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{جِذاَذًا} (١)

أي: كَسَّرَهُمْ {إِلَاّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} فَلَمَّا رجعوا {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} يَعِيبُهُمْ ويقولُ: إنه يكيدُهم {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (٦٠) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١)} يشهدونَ عليه أنه الذي فَعَلَ هذا، فَاسْتَنْطَقُوهُ وقالوا: {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}؟ {هَذَا} يعني: جَعْلهم جذاذًا، قال إبراهيمُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: الآيات ٥٧ - ٦٣] إلى أَنْ قَالُوا لَهُ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: آية ٦٥] أَنْتَ تعرفُ أن هؤلاءِ جَمَادٌ، ما عِنْدَهُمْ نُطْقٌ، ولا يتكلمونَ. وكان هذا هو قَصْدُهُ، فقال: {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: آية ٦٧] فَلَمَّا أَفْحَمَهُمْ بالحجةِ والبرهانِ والدليلِ لَجَؤُوا إلى القوةِ {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأخْسَرِينَ (٧٠)} [الأنبياء: الآيات ٦٨ - ٧٠] هذه القصةُ مكررةٌ في القرآنِ، ومما بَسَطَهَا اللَّهُ فيه: سورةُ الأنبياءِ، وذلك معنَى قوله هنا في الأنعامِ: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: آية ٧٤] أي: في ذَهَابٍ عن طريقِ الحقِّ بَيِّن واضح لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ، كيف تتركونَ عبادةَ الخالقِ الرازقِ النافعِ الضَّارِّ الْمُحْيِي المميتِ وتعبدونَ جماداتٍ لا تنفعُ وَلَا تَضُرُّ، ولَا تسمعُ ولَا تُبْصِرُ؟!! هذا هو الضلالُ المبينُ الواضحُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ.


(١) انظر: المبسوط لابن مهران ٣٠٢ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>