للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إبصار (وسمع) لقائله حال صدوره فلا يقبل فيه أصم لا يسمع شيئا ولا أعمى في مرئي لانسداد طرق التمييز مع اشتباه الاصوات ولا يكفي سماع شاهد من وراء حجاب وإن علم صوته لان ما أمكن إدراكه بإحدى الحواس لا

ــ

هتكا حرمة أنفسهما.

(وقوله: لتحمل شهادة) علة الجواز: أي يجوز النظر لاجل التحمل، فإن كان لغيره فسقوا وردت شهادتهم.

وعبارة الخطيب: وإنما نقبل شهادتهم بالزنا إذا قالوا: حانت منا إلتفاتة فرأينا، أو تعمدنا النظر لاقامة الشهادة.

قال الماوردي: فإن قالوا تعمدنا لغير الشهادة فسقوا وردت شهادتهم.

اه.

(قوله: وكذا امرأة الخ) أي وكذلك يجوز تعمد نظر فرج امرأة تلد.

(وقوله: لاجلها) أي لاجل تحمل الشهادة.

وأنث الضمير العائد على مذكر لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه.

(قوله: ولشهادة بقول) معطوف على لشهادة بفعل: أي وشرط لشهادة بقول (قوله: كعقد الخ) تمثيل للقول (قوله: هو) نائب فاعل شرط المقدر.

(قوله: وسمع) معطوف على الضمير.

(قوله: لقائله) هو وما بعده متعلقان بإبصار المجعول تفسيرا للضمير، والاولى أن يذكرهما بعد قوله: أي إبصار، ويقدر لسمع متعلقا يناسبه: أي سمع لقوله.

وعبارة المنهاج مع التحفة: والاقوال كعقد، وفسخ وإقرار، يشترط سمعها وإبصار قائلها حال صدورها منه، ولو من وراء نحو زجاج فيها يظهر، ثم رأيت غير واحد قالوا: تكفي الشهادة عليها من وراء ثوب خفيف يشف على أحد وجهين كما اقتضاه ما صححه الرافعي في نقاب المرأة الرقيق.

اه.

(وقوله: حال صدوره) أي القول (قوله: فلا يقبل الخ) تفريع على مفهوم شرط القول.

(وقوله: أصم لا يسمع شيئا) تفريع على مفهوم شرطه وشرط ما قبله وهو الفعل: أي فلا يقبل في القول أي الشهادة به أصم لا يسمع شيئا: أي وأما الفعل فيقبل لحصول العلم بالمشاهدة، كما صرح به في المنهاج.

(قوله: ولا أعمى في مرئي) أي ولا يقبل شهادة أعمى في مرئي، وهو الفعل مع فاعله بالنسبة للاول، وقائل القول بالنسبة للثاني، ومثل الاعمى من يدرك الاشخاص ولا يميز بينها.

ويستثنى من ذلك صور تقبل شهادة الاعمى فيها على الفعل، والقول منها ما إذا وضع يده على ذكر داخل في فرج امرأة، أو دبر صبي مثلا، فأمسكهما ولزمهما حتى شهد عند الحاكم بما عرفه بمقتضى وضع اليد، فيقبل شهادته لان هذا أبلغ من الرؤية، ومنها في الغصب والاتلاف فيما لو جلس الاعمى على بساط لغيره فغصبه غاصب أو أتلفه فأمسكه الاعمى في تلك الحالة مع البساط وتعلق بهما حتى شهد

عند الحاكم بما عرفه لتقبل شهادته، ومنها ما إذا أقر شخص في إذنه بنحو طلاق، أو عتق، أو مال لرجل معروف الإسم والنسب، فمسكه حتى شهد عليه عند قاض فتقبل شهادته، ومنها ما إذا كان عماه بعد تحمله الشهادة، والمشهود له والمشهود عليه معروفا الإسم والنسب فتقبل شهادته لحصول العلم به، ومنها ما يثبت بالاستفاضة والشيوع من جمع كثير يؤمن تواطؤهم على الكذب، مثل الموت والنسب والعتق مما سيأتي قريبا، فتقبل شهادته فيه.

(قوله: لانسداد طرق التمييز) أي المعرفة، وهو تعليل لعدم قبول شهادة الاعمى: أي وإنما لم تقبل لانسداد طرق التمييز عليه.

(وقوله: مع اشتباه الأصوات) أي فقد يحاكي الإنسان صوت غيره فيشتبه صوته به، فلذلك لا تقبل شهادته حتى على زوجته اعتمادا على صوتها كغيرها، خلافا لما بحثه الاذرعي من قبول شهادته عليها اعتمادا على ذلك، وإنما جوزوا له وطأها اعتمادا على صوتها للضرورة، ولان الوطئ يجوز بالظن بخلاف الشهادة فلا تجوز إلا بالعلم واليقين، كما يفيده الخبر السابق وهو: على مثلها فاشهد.

تنبيه: العمى هو فقد البصر عما من شأنه أن يكون بصيرا ليخرج الجماد، وهو ليس بضار في الدين، بل المضر إنما هو عمى البصيرة - وهو الجهل - بدليل: * (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) *.

وضمير فإنها للقصة.

وما أحسن قول أبي العباس المرسي.

يقولون الضرير فقلت كلابل والله أبصر من بصير سواد العين زار بياض قلبي ليجتمعا على فهم الامور


(١) سورة الحج، الاية: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>