للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجوز أن يعمل فيه بغلبة ظن لجواز اشتباه الاصوات قال شيخنا: نعم لو علمه ببيت وحده وعلم أن الصوت ممن في البيت جاز اعتماد صوته وإن لم يره وكذا لو علم اثنين ببيت لا ثالث لهما وسمعهما يتعاقدان وعلم الموجب منهما من القابل لعلمه بمالك المبيع أو نحو ذلك فله الشهادة بما سمعه منهما.

اه.

ولا يصح تحمل شهادة على منتقبة إعتمادا على صوتها كما لا يتحمل بصير في ظلمة اعتمادا عليه لاشتباه الاصوات.

نعم، لو سمعها

ــ

ولما عمي سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنشد: إن يأخذ الله من عيني نورهما فإن قلبي مضئ ما به ضرر أرى بقلبي دنياي وآخرتي والقلب يدرك ما لا يدرك البصر (قوله: ولا يكفي سماع شاهد الخ) لو حذف الفعل وجعل ما بعده معطوفا على قوله: ولا أعمى لكان أخصر وأولى، لان هذا مفرع أيضا على مفهوم اشتراط الابصار.

(وقوله: من وراء حجاب) يصح جعل من إسما موصولا، وتكون مفعول سماع: أي ولا يكفي سماعه من كان وراء حجاب ويصح جعلها جارة، وهي متعلقة بمحذوف لشاهد: أي

كائن من وراء حجاب، والمراد بالحجاب غير الشفاف.

أما هو كزجاج فيكفي كما مر.

(قوله: وإن علم) أي الشاهد.

(وقوله: صوته) أي المشهود عليه.

(قوله: لأن ما أمكن إدراكه الخ) أي لأن ما أمكن معرفته يقينا بإحدى الحواس كالبصر هنا لا يعمل فيه بغلبة الظن الحاصلة بغيره كالسمع، وبما قررته اندفع ما يقال إن السمع من الحواس والصوت يدرك به، فالعلة غير صحيحة.

وحاصل الدفع أن السمع وإن سلم أنه من الحواس إلا أنه لا يحصل به الادراك، أي المعرفة يقينا، بل يفيد غلبة الظن فقط لجواز اشتباه الأصوات، والذي يفيد الادراك يقينا هنا هو البصر، فإذا أمكن به لا يجوز العمل بخلافه.

والحواس الظاهرة خمس.

السمع والبصر والشم والذوق واللمس، فلو أدرك الاعمى شيئا بالشم وما بعده من الحواس جاز أن يشهد به لحصول الادراك به يقينا، فإذا اختلف المتبايعان في مرارة المبيع، أو حموضته، أو تغير رائحته، أو حرارته، أو برودته، جازت شهادة الاعمى به.

(قوله: نعم لو علمه إلخ) استثناء من عدم الاكتفاء بسماع شاهد من وراء حجاب: أي لا يكتفي بذلك إلا إن عرف الشاهد أن هذا المشهود عليه القائل بكذا مثلا هو في البيت وحده، وعرف أن الصوت خرج من هذا البيت الذي فيه المشهود عليه وحده، فإنه يكتفي بسماع صوته، ويجوز اعتماده وإن لم يره لحصول اليقين بما ذكر.

(قوله: وكذا لو علم إلخ) أي وكذا يجوز للشاهد اعتماد الصوت ويكتفي به في سماع الشهادة لم علم اثنين كائنين ببيت وحدهما لا ثالت لهما وسمعهما يتعاقدان.

(قوله: وعلم الموجب) بكسر الجيم.

(وقوله: منهما) أي من الاثنين، وهو متعلق بالموجب.

(وقوله: من القابل) متعلق بعلم على تضمينه معنى ميز.

(وقوله: لعلمه بمالك المبيع) علة لعلمه الموجب من القابل: أي أن معرفته الموجب من القابل لكونه يعلم من قبل بمالك المبيع.

وعبارة المغني: وما حكاه الروياني عن الاصحاب من أنه لو جلس بباب بيت فيه إثنان فقط، فسمع معاقدتهما بالبيع وغيره، كفى من غير رؤية زيفه البندنيجي بأنه لا يعرف الموجب من القابل.

قال الأذرعي: وقضية كلامه أنه لو عرف هذا من هذا أنه يصح التحمل، ويتصور ذلك بأن يعرف أن المبيع ملك أحدهما، كما لو كان الشاهد يسكن بيتا أو نحوه لاحدهما، أو كان جاره، فسمع أحدهما يقول بعني بيتك الذي يسكنه فلان الشاهد أو الذي في جواره، أو علم أن القابل في زاوية والموجب في أخرى، أو كان كل واحد منهما في بيت بمفرده والشاهد جالس بين البيتين وغير ذلك.

اه.

(قوله: أو نحو ذلك) أي نحو مالك المبيع، وهو القابل.

(قوله: فله) أي للعالم بما ذكر، وهذه نتيجة التشبيه بقوله وكذا.

(قوله: ولا يصح تحمل شهادة على منتقبة) أي على نفسها أو على نكاحها، كما يعلم ذلك من قوله قال جمع الخ، والمنتقبة بنون ثم تاء هي التي غطت وجهها بالنقاب.

قال في المغني:

تنبيه: مراد المصنف والاصحاب بأنه لا يصح التحمل على المنتقبة ليؤدي ما تحمله اعتمادا على عرفة صوتها، أما لو شهد اثنان أن امرأة منتقبة أقرت يوم كذا لفلان بكذا، فشهد آخران أن تلك المرأة التي قد حضرت وأقرت يوم كذا هي

<<  <  ج: ص:  >  >>