للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنكر، صدق المطعم، حملا للناس على هذه المكرمة ولو قال وهبتك بعوض، فقال مجانا: صدق المتهب.

ولو قال اشتر لي بدرهمك خبز، فاشتري له: كان الدرهم قرضا، لا هبة، على المعتمد، (وقبول) متصل به: كأقرضته، وقبلت قرضه.

نعم: القرض الحكمي - كالانفاق على اللقيط المحتاج، وإطعام الجائع، وكسوة العاري، لا يفتقر إلى إيجاب وقبول.

ومنه أمر غيره بإعطاء ماله غرض فيه: كإعطاء شاعر، أو ظالم، أو إطعام فقير، أو فداء أسير - وعمر داري.

وقال جمع: لا يشترط في القرض: الايجاب والقبول واختاره الاذرعي.

وقال قياس جواز المعاطاة في البيع: جوازها هنا، وإنما يجوز القرض من أهل تبرع: فيما يسلم فيه من حيوان وغيره

ــ

التحفة: وإنما صدق مطعم مضطر أنه قرض حملا إلخ - وهي أولى.

(قوله: حملا للناس على هذه المكرمة) أي الخصلة الحميدة التي بها إحياء النفوس، ولأنه أعرف بكيفية بذله.

(قوله: ولو قال) أي الدافع، بعد أن وهب شيئا لآخر.

(قوله: فقال) أي المتهب.

(وقوله: مجانا) أي بلا عوض.

(قوله: صدق المتهب) أي الموهوب له.

(قوله: وقبول) معطوف على إيجاب، أي ويحصل بقبول - قياسا على البيع - ومن ثم، اشترط فيه شروط البيع السابقة في العاقدين والصيغة - كما هو ظاهر - حتى موافقة القبول للإيجاب.

فلو قال: أقرضتك ألفا، فقبل بخمسمائة، أو بالعكس، لم يصح.

اه.

تحفة.

(وقوله: متصل به) أي بالإيجاب - بأن لا يتخلل بينهما سكوت طويل، ولا لفظ أجنبي - نظير ما مر في البيع - (قوله: كأقرضته) يقرأ بالبناء للمجهول.

وفي بعض النسخ: كاقترضته - وهو ظاهر -.

(قوله: نعم، إلخ) استدراك من اشتراط الإيجاب والقبول.

(وقوله: القرض الحكمي) مبتدأ، خبره قوله لا يفتقر إلى إيجاب وقبول.

والمراد أنه في حكم القرض في وجوب رد المثل.

(قوله: كالإنفاق على اللقيط المحتاج) أي ممن لا يجب عليه، بأن كان معسرا.

بخلاف ما إذا كان موسرا، وكان المنفق عليه معسرا، فلا يكون قرضا.

والمراد أيضا: الإنفاق بإذن الحاكم، فإن لم يوجد: أشهد بالإنفاق.

فإن لم يوجدوا: أنفق بنية الرجوع، وإلا لم يرجع - كذا في البجيرمي - (قوله: وإطعام الجائع) في ع ش ما نصه: محل عدم اشتراط الصيغة في المضطر: وصوله في حالة لا يقدر معها على صيغة، وإلا فيشترط.

ولا يكون إطعام الجائع،

وكسوة العاري، ونحوهما، قرضا، إلا أن يكون المقترض غنيا.

وإلا بأن كان فقيرا، والمقرض غنيا فهو صدقة - لما تقرر في باب السير - إن كفاية الفقراء واجبة على الأغنياء وينبغي تصديق الآخذ: فيما لو ادعى الفقر، وأنكره الدافع، لأن الأصل عدم لزوم ذمته شيئا (قوله: ومنه) أي القرض الحكمي.

(وقوله بإعطاء ما له غرض فيه) أي بإعطاء شئ للآمر غرض في إعطائه.

(وقوله: كإعطاء إلخ) أي كالأمر بإعطاء شاعر لغرض دفع الهجو عنه، وإعطاء ظالم لغرض دفع الشر عنه حيث لم يعطه.

(وقوله: إطعام فقير) الأحسن أنه هو وما بعده معطوف على قوله بإعطاء إلخ، أي ومنه أمر غيره بإطعام فقير أو بفداء أسير.

(وقوله: وعمر داري) الأولى أن يقول وتعمير داري.

(واعلم) أنه في الجميع يرجع المأمور على آمره إن شرط الرجوع، وذلك لأن ما كان لازما - كالدين - أو منزل منزلة اللازم - كقول الأسير لغيره: فأدنى - لا يحتاج فيه لشرط الرجوع، وما لم يكن كذلك يحتاج فيه إلى شرط الرجوع.

قال ع ش: ويحتمل أنه لا يحتاج لشرط الرجوع فيما يدفعه للشاعر والظالم، لأن الغرض من ذلك دفع هجو الشاعر له حيث لم يعطه، ودفع شر الظالم عنه بالإعطاء، وكلاهما منزل منزلة اللازم.

وكذا في عمر داري، لأن العمارة - وإن لم تكن لازمة - لكنها تنزل منزلة اللازم، لجريان العرف بعدم إهمال الشخص لملكه حتى يخرب.

اه.

(قوله: وقال: قياس جواز المعاطاة في البيع جوازها هنا) قال في النهاية: وما اعترض به الغزي - من أنه سهو، لأن شرط المعاطاة: بذل العوض، أو التزامه في الذمة، وهو مفقود هنا - غير صحيح، بل هو السهو، لأنهم أجروا خلاف المعاطاة في الرهن وغيره مما ليس فيه ذلك.

فما ذكره شرط للمعاطاة في البيع دون غيره.

اه.

(قوله: وإنما يجوز القرض إلخ) شروع في بيان شرط المقرض والمعقود عليه، فبين أنه يشترط في المقرض أن يكون من أهل تبرع فيما يقرضه، فلا يصح إقراض الولي مال محجوره بلا ضرورة، لأنه ليس أهلا للتبرع فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>