للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُطَهِّرُكَ فَيَسْقِيكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْبَةً لَا تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، يَا غَلَامُ اضْرِبْ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَمَانِينَ، قَالَ: يَا أَبَتِ السَّلَامُ عَلَيْكَ، قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، إِنْ رَأَيْتَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّيَ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: خَلَفْتُ عُمَرَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، يَا غُلَامُ، اضْرِبْهُ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ تِسْعِينَ انْقَطَعَ كَلَامُهُ وَضَعُفَ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَقَالُوا: يَا عُمَرُ، انْظُرْ كَمْ بَقِيَ؟ فَأَخِّرْهُ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ، فَقَالَ: كَمَا لَا تُؤَخَّرُ الْمَعْصِيَةُ لَا تُؤَخَّرُ الْعُقُوبَةُ، وَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أُمِّهِ، فَجَاءَتْ بَاكِيَةً صَارِخَةً، وَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَحُجُّ بِكُلِّ سَوْطٍ حَجَّةً مَاشِيَةً، وَأَتَصَدَّقُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، قَالَ: إِنَّ الْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ لَا تَنُوبُ عَنِ الْحَدِّ، قَالَ: يَا غُلَامُ، أَتِمَّ الْحَدَّ، فَضَرَبَهُ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ سَوْطٍ سَقَطَ الْغُلَامُ مَيِّتًا، فَسَارَ عُمَرُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، مَحَّصَ اللَّهُ عَنْكَ الْخَطَايا، ثُمَّ جَعَلَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهِ، جَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: بِأَبِي مَنْ قَتَلَهُ الْحَقُّ، بِأَبِي مَنْ مَاتَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَدِّ، بِأَبِي مَنْ لَمْ يَرْحَمْهُ أَبُوهُ وَأَقَارِبُهُ، فَنَشَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا، فَلَمْ يُرَ يَوْمًا أَعْظَمَ مِنْهُ، وَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَالخَيْبِ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَقْبَلَ عَلَيْنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ , فَقَالَ: إِنِّي أَخَذْتُ وِرْدِي مِنَ اللَّيْلِ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَإِذَا الْفَتَى مَعَهُ، وَعَلَيْهِ حُلَّتَانِ خَضْرَاوَتَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْرِئْ عُمَرَ مِنِّيَ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَتُقِيمَ الْحُدُودَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>