والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار اللَّه لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه، فمن آيات اللَّه أنّ قواهم وقُدَرَهم ومخترعاتهم لم تغنِ عنهم شيئاً في صدّ ما أصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة، مع بذل جدِّهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكنَّ أمر اللَّه غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي.
ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعتهم ومعاصيهم، وهي أيضاً أفعالهم، فهي تضاف إلى اللَّه خلقاً وتقديراً، وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين، فإنّ اللَّه خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام خالق للمسبب، قال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}(١).