للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبر اللَّه - عز وجل - أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن اللَّه ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا} الآية (١).

وهذا يدل دلالة قاطعة على أن كل إنسان قد فُطِرَ على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم (٢).

ومما يبين ذلك ويوضحه أن العاقل إذا رجع إلى نفسه وعقله أدنى رجوع عرف افتقاره إلى الخالق - تعالى - في تكوينه وبقائه وتقلبه في أحواله (٣)، وإذا نظر إلى الخلائق علم فقرهم كلهم إلى الخالق في كل شيء: فقراء إليه في الخلق والإيجاد، وفي البقاء والرزق والإمداد، وفقراء إليه في جلب المنافع ودفع المضار.

فانظر إلى حالة الناس إذا كربتهم الشدائد، ووقعوا في المهالك، وأشرفوا على الأخطار، كيف تجد قلوبهم معلقة باللَّه، وأصواتهم مرتفعة بسؤاله، وأفئدتهم تنظر إلى إغاثته، لا تلتفت يمنة ولا يسرة إلا إليه (٤).


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٧٢.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ٢٦٢، ٣/ ٤٣٣، ودرء تعارض العقل والنقل، ٨/ ٤٨٧، وجامع الرسائل لابن تيمية، ١/ ١١، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي، ٢/ ٣٣٧.
(٣) انظر: كتاب الداعي إلى الإسلام لعبد الرحمن الأنباري، ص٢١١، ودرء تعارض العقل والنقل، ٣/ ١١٣.
(٤) انظر: الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة، ص٢٥١، ٢٥٢.

<<  <   >  >>