للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالق خلقَهَها، فهذا مُحالٌ ممتنع تجزم العقول ببطلانه ضرورة، ويُعلم يقيناً أن من ظن ذلك لهو إلى الجنون أقرب منه إلى العقل؛ لأن كل من له عقل يعرف أنه لا يمكن أن يوجد شيء من غير مُوجدٍ ولا مُحدثٍ، فلابد لكل حادث من مُحدث، ولا سبيل إلى إنكار ذلك، فإن وجود الشيء من غير مُوجد مُحالٌ وباطلٌ بالمشاهدة والحسّ والفطرة السليمة.

٢ - وإما أن تكون هذه المخلوقات الباهرة هي المحدثة الخالقة لنفسها، فهذا أيضاً مُحالٌ ممتنع بضرورة العقل، وكل عاقل يجزم أن الشيء لا يُحدثُ نفسه ولا يخلقه؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً؟!

فإذا بطلَ هذان القسمان عقلاً وفطرةً، وبان استحالتهما، تعين القسم الثالث:

٣ - وهو أن هذه المخلوقات بأجمعها: علويها وسفليّها، وهذه الحوادث لابد لها من مُحدث ينتهي إليه الخلق والملك والتدبير، وهو اللَّه العظيم الخالق لكل شيء، المتصرف في كل شيء، المدبر للأمور كلها (١)، ولهذا ذكر اللَّه – تعالى – هذا الدليل العقلي


(١) انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، ١/ ٦٦، ودرء تعارض العقل والنقل، ٣/ ١١٣، والرياض الناضرة للسعدي، ص٢٤٧، وتفسير السعدي، ٧/ ١٩٥، وأضواء البيان للشنقيطي، ٤/ ٣٦٨، وشرح أصول الإيمان لمحمد بن صالح العثيمين، ص١٥.

<<  <   >  >>