للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُشاهد أن حادثاً حدث من غير سبب، أو أن شيئاً وُجد من غير موجد، حتى أصبح هذا المعنى بحكم الواقع لا يتصور العقل خلافه، ولا يأبى الإقرار به إلا عقل مفقود أو مريض كشأن المعتوهين، أو عقل قاصر كشأن الطفل الذي يكسر الإناء، ثم يقول: إنه انكسر بنفسه (١).

ولذلك أدرك الأعرابي هذه السببية عندما سُئِل: ما الدليل على وجود الرّبّ؟ فقال: - سبحان اللَّه – إن البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذاتُ أبراج، وأرضٌ ذات فجاجٍ، وبحارٌ ذات أمواج، ليل داج، ونهار ساجٍ، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير (٢).

فكل مخلوق لابد له من خالق، وكل أثر لابد له من مؤثر، وكل محدَثٍ لابد له من مُحدِثٍ، وهذا هو قياس الشمول.

أما قياس التمثيل فكقول: هذا مُحدَث فيحتاج إلى مُحدِثٍ (٣).

وبناء على هذه القاعدة فعالمنا هذا، من أرض وسماوات، وإنسان وحيوان، وليل ونهار، وشمس وقمر، لابدّ له من مُحدث، ثم إن هذا العالم لا يبقى إلا بسبب يحفظه ويبقيه، كما أنه لم


(١) انظر: موقف الإسلام من نظرية ماركس ص٢٨٤ – ٢٨٨.
(٢) انظر: الرياض الناضرة ص٢٥٨، ومنهاج الجدل في القرآن الكريم ص١٣٩، وموقف الإسلام من نظرية ماركس ص٢٨٨.
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل ٣/ ٧٣، ١٢١ – ١٢٧.

<<  <   >  >>