فمن الذي سمع دعاء المستغيثين فأجابهم، فأنشأ السحاب وأنزل المطر؟! هل هو وثن لا يقدر على فعل شيء؟! أم طبيعة صمّاء لا تملك إرادة ولا تدبيراً، أم أن العدم الذي أنشأ وصمم، وأوجد وكوَّن، وقدَّر وأتقن، وسمع فأجاب، وهو العدم الذي لا وجود له؟!!
والحقيقة أن ذلك كله شاهد يتحدث إلى العقول البشرية أن لها ربّاً حكيماً قادراً سميعاً بصيراً مجيباً (١)، فعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة، ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يخطب، ثم قال: يا رسول اللَّه هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع اللَّه أن يُغيثنا، فرفع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال:((اللَّهم أغثنا، اللَّهم أغثنا، اللَّهم أغثنا)). قال أنس: ولا واللَّه ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا واللَّه ما رأينا الشمس سبتاً، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فقال: يا رسول اللَّه، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع اللَّه يمسكها عنَّا، فرفع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال:((اللَّهم حوالينا ولا علينا، اللَّهم على الآكام والظَّرَاب وبُطُونِ الأودية ومنابت الشجر))، فأقلعت وخرجنا نمشي في
(١) انظر: كتاب التوحيد، لعبد المجيد الزنداني، ١/ ٤٣.