المسخر لهم والانتفاع بخيراته، والمساهمة في بناء حياة إنسانية مرضية {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[الزخرف: ٣٢].
وما سخر الله بعض البشر لبعض إلا لتتم حكمته فيهم وليبلوهم فيما آتاهم، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ومن كفر فعليه كفره، ومن آمن نفعه ايمانه:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: ١٦٥].
ولم يجعل الله تسخير بعض البشر لبعض قائمًا على التحكم تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وإنما ربط التسخير بطبائعهم وظروف إمكانهم، فجعلهم درجات بما اختلفوا من قوة وضعف، وعلم وجهل، وجد وخمول، وغير ذلك من وجوه الاختلاف المشتقة من طبائعهم ومعارفهم وظروفهم وبيناتهم، ولن يمنع ذلك من كان في درجة دنيا أن يرتفع بعمله وإيمانه إلى درجة أعلى من درجته وأن يصل إلى القمة في عشيرته وأمته، فإن العبرة في الإسلام بالأعمال والإيمان، ولن يضيع الله عمل مؤمن:{أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}[آل عمران: ١٩٥]. ما دام العامل قد أحسن عمله ووصل به