وإذا كان المال مال الله وهو عارية في يد البشر الذين استخلفهم عليه فليس للبشر أن يتأخروا عن إنفاذ أمر الله في هذا المال فإذا أمرهم أن يؤتوا فئات من الناس شيئًا من هذا المال فعليهم أن يبادروا بذلك ما يؤتونهم إلا من مال الله {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣].
وعلى كل فرد في يده شيء من المال - وكل مال هو مال الله - أن يطيع أمر الله فيه، سواء قَلَّ مَا فِي يَدِهِ أَوْ أَكْثَرَ {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧].
ولا يظنن أحد أن ما في يده من مال الله هو رزق خصها الله به فيمنعه عن غيره، ويبخل به على من يستحقه، فإن الله يرزق الناس ويؤتيهم ملكه ليقوموا عليه في حدود أمره ونهيه، وإذا فضل الله بعض الناس على بعض في الرزق فلا يحسبن صاحب الرزق الكثير إذا أنفق أو أعطى غيره أنه ينفق أو يعطي من رزقه، وليعلم أنه ينفق من مال الله، وأنه لا يعطي شيئًا من عنده، وإنما هو وسيط أعطى غيره من مال الله كما أخذ لنفسه من مال الله {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[النحل: ٧١].
ولا يفوتنا أن نلاحظ أن بعض نصوص القرآن نسبت المال لأفراد البشر من ذلك قوله تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨]، وقوله:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٢].