للناس عقيدة ونظامًا، فكيف يكون لمؤمن أن يختار وقد حرم الله عليه الاختيار:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦].
أفلا يعلم هؤلاء أن أحكام الإسلام لا تتجزأ ولا تقبل الإنفصال، وأن نصوصه تمنع من العمل ببعضها وإهمال البعض الآخر كما تمنع من الإيمان ببعضها والكفر ببعض، وأن الله - جَلَّ شَأْنُهُ - توعد من يفعل ذلك بالخزي في الحياة الدنيا وبالعذاب الشديد في الآخرة {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}[البقرة: ٨٥].
ولقد تمنى قوم في عهد رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يترك الرسول بعض ما أنزل الله ليحكم بما يتفق مع أهوائهم فنزل الوحي يأمر الرسول بأن يتمسك بما أنزل الله ويحذره من اتباع أهواء هؤلاء الفساق، ويعلمه أن تحكيم الأهواء هو حكم الجاهلية، وأن أفضل حكم وأحسنه هو ما اختاره الله لعباده " {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٤٩، ٥٠].