من الضرائب التي تنفق في سبيل الله وعلى ذوي الحاجة على ما رأينا في فصل المال ويقيد من يدهم المال بقيود شتى، وكل هذا من أخص أعمال الحكومات في أقدم العهود وأحدثها بل هو أهم ما يقيم الحكومات ويسقطها.
والإسلام يوجب أن يكون الحكم شورى بقوله تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى: ٣٨]. وقوله:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩]. وإقامة حكم الشورى تقتضي قيام حكم إسلامي ودولة إسلامية، ولو لم يكن الإسلام دينًا ودولة لما تعرض لشكل الحكومة وَبَيَّنَ نوعها.
والإسلام بعد ذلك قد جاء بنصوص يصعب حصرها تنظم صِلاَتَ الأفراد بالحكومات، وصلة الحكومات بالأفراد، وتنظم التصرفات والمعاملات من بيع وإيجار وهبة ووصية وزواج وطلاق إلى غير ذلك، وتنظم الإدارة والاقتصاد، وتحكم الفتن الداخلية والمنازعات الدولية، والسلم والحرب والصلح والمعاهدات، وتحكم كل شأن من شؤون الأفراد وشؤون الجماعات، وتقيم الجماعة على أساس من المساواة والتعاون والتضامن الاجتماعي، وهذه النصوص في مجموعها تكون دستورًا للحكم يَبُذُّ كل دستور وضعي عرف حتى الآن وتكون شريعة تحكم كل التصرفات هي أسمى ما عرف إلى اليوم من تشريعات، وكل هذه أمور لا يقوم عليها ولا يمكن أن يضطلع بها إلا الحكومات والدول، فإذا جاء بها الإسلام وأوجبها، فقد جاء بالحكومة وأوجب قيام الدولة، ما يجادل في ذلك عاقل ولا يستسيغ غيره عقل.