للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٧- رؤية الله

لا يُرى الله في الدنيا، وقد طمع موسى في رؤية الله، فأخبره ربّه أنّه لن يراه في الدّنيا، ولا يستطيع ذلك، بل الجبل القويّ الصلد لا يطيق ذلك (ولمَّا جاء موسى لميقاتنا وكلَّمه ربُّه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوق تراني فلمَّا تجلَّى ربُّه للجبل جعله دكّاً وخرَّ موسى صَعِقاً) [الأعراف: ١٤٣] .

وقد اختلف العلماء في رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ربّه حين عُرج به إلى السماء، والصحيح أنّه لم ير ربّه في المعراج، وقد صحّ عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (ومن زعم أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية) . (١)

هذا في الدنيا، أمّا في الآخرة فالأمر مختلف، فإنّ العباد يخلقون خلقاً جديداً، ألا ترى أنّ الشمس تدنو من رؤوس الناس في يوم القيامة حتى لا يكون بينها وبينهم إلا ميل واحد، ومع ذلك فلا يذوبون ولا ينصهرون! ألا ترى أنّ الناس بعد البعث والنشور غير قابلين للموت! بل يدخل الكفار النّار كلما نضجت جلودهم بدّلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب، أمّا الموت فلا.

نعم في يوم القيامة يطيق المؤمنون رؤية ربهم، بل إنّ أعظم نعيم يعطاه العباد في الجنّة هو النظر إلى وجه ربهم العظيم الكريم سبحانه.

هذا النعيم العظيم يحرمه الكفار (كلاَّ إنَّهم عن رَّبهم يومئذٍ لَّمحجوبون) [المطففين: ١٥] أما الذين اصطفاهم الله وحسَّن وجوههم فلا يحجبون، (وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ) [القيامة: ٢٢] وهؤلاء هم الأبرار (إنَّ الأبرار لفي نعيمٍ - على الأرائِك ينظرون) [المطففين: ٢٢-٢٣] ، وهذا النظر إلى وجهه الكريم هو الزيادة التي وُعد بها المؤمنون (للَّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ)


(١) رواه مسلم: ١/١٥٩. ورقمه: ١٧٧.

<<  <   >  >>