يرى كثير من الباحثين الغربيين أن الإنسان لم يعرف العقيدة على ما يعرفها عليه اليوم مرة واحدة، ولكنها ترقت، وتطورت في فترات وقرون متعاقبة.
ولا عجب أن يقول بهذا القول الباطل قوم لم يمنحهم الله كتابه الذي يحكي تاريخ العقيدة بوضوح لا لبس فيه، إلا أن العجيب أن يذهب هذا المذهب رجال يعدون أنفسهم باحثين مسلمين.
فهذا عباس محمود العقاد يرى في كتابه (الله)(١) - وهو كتاب يبحث في نشأة العقيدة الإلهية - أن " الإنسان ترقى في العقائد "، ويرى أن ترقي الإنسان في العقائد موافق تماماً لترقيه في العلوم.
ويقول:" كانت عقائد الإنسان الأولى مساوية لحياته الأولى، وكذلك كانت علومه وصناعاته، فليس أوائل العلم والصناعة بأرقى من أوائل الأديان والعبادات، وليس عناصر الحقيقة في واحدة منها بأوفر من عناصر الحقيقة في الأخرى ".
بل يرى أن تطور العقيدة لدى الإنسان كان أشق من تطور العلوم والصناعات، يقول في هذا:" وينبغي أن تكون محاولات الإنسان في سبيل الدّين أشق وأطول من محاولاته في سبيل العلوم والصناعات؛ لأن حقيقة الكون الكبرى أشق مطلباً وأطول طريقاً من حقيقة هذه الأشياء المتفرقة التي يعالجها العلم تارة والصناعة تارة أخرى ".
(١) نشرته دار الهلال - القاهرة: انظر: ص: ١٠ وما بعداه.