للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول أدلة وجود الخالق جلّ وعلا

الدليل الأول

دليل الفطرة

الفطرة السليمة تشهد بوجود الله من غير دليل:

لم يطل القرآن في الاستدلال على وجود الله تعالى، لأنّ القرآن يقرّر أنّ الفطر السليمة، والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك، تُقرّ بوجوده من غير دليل، وليس كذلك فقط، بل إنّ توحيده - سبحانه - أمر فطري بدهي (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) [الروم: ٣٠] .

هذه الفطرة هي التي تفسر الظاهرة التي لاحظها الباحثون في تاريخ الأديان، وهي أنّ الأمم جميعاً - التي درسوا تاريخها - اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها. (١)

وقد يقال هنا: لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس في مختلف العصور آلهة شتى.

والجواب: أنّ الفطرة تدعو المرء إلى الاتجاه إلى الخالق، لكنّ الإنسان تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف حينما يتجه إلى المعبود الحق.


(١) حتى الشيوعيين اليوم الذين أرادوا أن يتحرروا من عبادة الآلهة بزعمهم يعبدون مؤسس المذهب، فتراهم يمرون أمام جثته المحنطة في الميدان الأحمر في ذكرى يوم وفاته خاضعين حانين رؤوسهم، لقد جعلوه إلهاً، وبدلاً من أن يعبدوا خالق البشر عبدوا ميتاً من البشر، فبعداً لهم. هذا ما دونته قبل خمس عشرة سنة، وقبل سنوات هدم القائمون على المذهب الشيوعي مذهبهم، وألقوا جثث قادة المذهب، كما ألقوا عقائدهم وأفكارهم.

<<  <   >  >>