للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القاعدة التاسعة: حقيقة التأويل (١) :

التأويل الذي فتن به الخلق، وضل به الآلاف من هذه الأمة يطلق في الاصطلاح مشتركاً بين ثلاثة معان:

١- يطلق على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال، وهذا هو معناه في القرآن نحو قوله تعالى: (ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً) [النساء: ٥٩] ، (ولمَّا يأتهم تأويله) [يونس: ٣٩] ، (يوم يأتي تأويله يقول الَّذين نسوه من قبل) [الأعراف: ٥٣] ؛ أي ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال.

٢- ويطلق التأويل بمعنى التفسير، وهذا قول معروف كقول ابن جرير: القول في تأويل قوله تعالى كذا، أي تفسيره.

٣- أما في اصطلاح الأصوليين فالتأويل: هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لدليل.

وصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه له عند علماء الأصول ثلاث حالات:

أ- إما أن يصرفه عن ظاهره المتبادر منه لدليل صحيح من كتاب أو سنة، وهذا النوع من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه. ومثال هذا النوع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الجار أحق بصقبه) (٢) فظاهر هذا الحديث ثبوت الشفعة للجار.

وحمل هذا الحديث على الشريك المقاسم حمل للفظ على محتمل مرجوح غير ظاهر متبادر، إلا أن حديث جابر الصحيح (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) (٣) دل على أن المراد بالجار الذي هو أحق


(١) ألف أ. د. عمر الأشقر في هذا الموضوع رسالة بعنوان: التأويل خطورته وآثاره.
(٢) رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. (منتقى الأخبار: ص: ٤٩٢. ورقمه: ٣١٧٧) .
(٣) رواه البخاري وأبو داود والترمذي وأحمد. (منتقى الأخبار: ص: ٤٩٢) .

<<  <   >  >>