مُّسمّىً قالوا إن أنتم إلاَّ بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدُّونا عمَّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مُّبينٍ) [إبراهيم: ٩-١٠] .
وبالتأمل في دعوة الرسل التي عرضها القرآن تتبين لنا الحقائق التالية:
الأولى: أن الله خلق الإنسان منذ البداية خلقاً سوياً مكتملاً لغاية محددة، هي عبادته، وأن خلقه مؤهلاً لذلك.
الثانية: أن الله عرفه على نفسه منذ البداية، ولم يتركه لفكره يتعرف على ربه بطريق التفكير والتأمل، بل أرسل إليه رسلاً، وقد كان هؤلاء الرسل من الكثرة بحيث إنهم بلّغوا البشرية كلها (وإن من أمَّةٍ إلاَّ خلا فيها نذيرٌ)[فاطر: ٢٤] .
لذا فإننا لا نعلم أسماء جميع الرسل الذين أرسلهم الله (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم مَّن قصصنا عليك ومنهم مَّن لَّم نقصص عليك)[غافر: ٧٨] .
ومما يدل على ذلك أن الأمم المكذبة في يوم القيامة تقر وتعترف بتبليغ الرسل لها دعوة الله قوله تعالى:(كلَّما ألقى فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ - قالوا بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذَّبنا وقلنا ما نزَّل الله من شيءٍ إن أنتم إلاَّ في ضلالٍ كبيرٍ)[الملك: ٨-٩]
وما هذا التتابع في إرسال الرسل على مدار التاريخ إلا رحمة من الله بعباده، ووفاء بوعده الذي وعد به آدم أبا البشرية، وإعذاراً منه لخلقه:(لئلاَّ يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسل)[النساء: ١٦٥] ، (وما كُنَّا معذبين حتَّى نبعث رسولاً)[الإسراء: ١٥] .
الثالثة: دعوة الرسل واحدة، فأصل دعوتهم جميعاً ولبها التوحيد، بتعريف الناس على ربهم ومعبودهم، وبيان الطريقة التي يعبدونه بها.
الرابعة: أن دين الرسل جميعاً الإسلام لا دين لهم سواه: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)[آل عمران: ٨٥] فنوح يقول: (وأمرت أن