الإنسان التسبيح بأنامله - أي بأصابعه - لأنهن «مُسْتَنْطَقَاتٌ» كما أرشد إلى ذلك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ولأن عَدَّ التسبيح ونحوه بالمسبحة يؤدي إلى غفلة الإنسان، فإننا نشاهد كثيرًا من أولئك الذين يستعملون المسبحة نجدهم يسبحون وأعينهم تدور هنا وهناك لأنهم قد جعلوا عدد الحبات على قدر ما يريدون تسبيحه أو تهليله أو تحميده أو تكبيره، فتجد الإنسان منهم يعدّ هذه الحبات بيده وهو غافل القلب، يتلفت يمينًا وشمالًا، بخلاف ما إذا كان يعدها بالأصابع فإن ذلك أحْضَرُ لقلبه غالبًا.
الشيء الثالث: أن استعمال المسبحة قد يدخله الرياء، فإننا نجد كثيرًا من الناس الذين يحبون كثرة التسبيح يعلقون في أعناقهم مسابح طويلة كثيرة الخرزات، وكأن لسان حالهم يقول: انظروا إلينا فإننا نسبح الله بقدر هذه الخرزات.
وأنا أستغفر الله أن أتهمهم بهذا، لكنه يخشى منه، فهذه ثلاثة أمور كلها تقتضي بأن يتجنب الإنسان التسبيح بالمسبحة، وأن يسبح الله سبحانه وتعالى بأنامله.
وعلى هذا فإن التسبيح بالمسبحة لا يعد بدعة في الدين؛ لأن المراد بالبدعة المنهي عنها هي البدع في الدين، والتسبيح بالمسبحة إنما هو وسيلة لضبط العدد، وهي وسيلة مرجوحة مفضولة، والأفضل منها أن يكون عَدّ التسبيح بالأصابع» (١).
ولْيعْلم القارئ أن الأقوال السابقة إنما هي لعلماء سلفيين من القُدماء والمعاصرين يذهبون إلى عدم بدعية السبحة.
رابعًا: مما سبق يتبين أنّ مَن قال من العلماء بجواز العَدّ بالنوى والحصى استدل بفعل الصحابة - رضي الله عنهم - وإقرار الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على ذلك، أو اعتبر التسبيح بها وسيلة لضبط العدد.
(١) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (١٣/ ٢٤٠ - ٢٤٢) باختصار.