ونسأل القارئ الكريم هل المسائل السابقة - كما قال المفتي - يتعلق أغلبها بالعادات والتقاليد والأزياء والملابس والهيئات من طريقة الأكل والشرب إلى قضاء الحاجة واستعمال العطور؟!!
سادسًا: ذكر المفتي (ص٢٩) مذهب الأشاعرة في تأويل الصفات، ورجحه، ثم قال (ص٣٠): «وما أجمل ما قال ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد ... »، ونقل المفتي (ص ٣٠ - ٣٢) عن ابن قدامة ما ينسف مذهب المفتي ومذهب الأشاعرة في تأويل الصفات.
وننقل هنا عن ابن قدامة ما نقله المفتي عنه هناك بنصه، وأطلب من القارئ الكريم أن ينتبه لما فوق الخط:
قال ابن قدامة - رحمه الله -: «وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى - عليه السلام - من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلَقّيه بالتسليم والقبول، وترك التعرُّض له بالرّدّ والتأويل والتشبيه والتمثيل.
وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظًا، وترك التعرض لمعناه ونرُدّ علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله اتباعًا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}(آل عمران: ٧)، وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران: ٧]، فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أمَّلوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه، بقوله سبحانه:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}.
قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - رضي الله عنه - في قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ اللهَ يَنْزِلُ إلىَ سَمَاءِ الدُّنْيَا»، أو «إِنَّ اللهَ يُرَى فِي الْقِيَامَةِ»، وما أشبه هذه الأحاديث: «نؤمن بها، ونصدق بها بلا كيف، ولا معنى، ولا نرُدّ شيئًا منها، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نَرُدّ على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا