ثانيًا: هؤلاء الأئمة أخذوا الفقه من الكتاب والسنة وهم مجتهدون في ذلك، والمجتهد إما مصيب فله أجران: أجر اجتهاده وأجر إصابته، وإما مخطئ فيؤجر على اجتهاده ويعذر في خطئه.
ثالثًا: القادر على الاستنباط من الكتاب والسنة يأخذ منهما كما أخذ مَن قبله ولا يسوغ له التقليد فيما يعتقد أن الحق بخلافه، بل يأخذ بما يعتقد أنه حق ويجوز له التقليد فيما عجز عنه واحتاج إليه.
رابعًا: مَن لا قدرة له على الاستنباط يجوز له أن يقلد مَن تطمئن نفسه إلى تقليده وإذا حصل في نفسه عدم اطمئنان سأل حتى يحصل عنده اطمئنان.
خامسًا: يتبين مما تقدم أنه لا تُتَّبَعُ أقوالُهُم على كل الأحوال والأزمان؛ لأنهم قد يخطئون بل يتبع الحق من أقوالهم الذي قام عليه الدليل» (١).
الانتساب المذهبي واتباع الهوى:
السلفيون ينكرون تَصَيُّد زلات العلماء والأقوال الشاذة المخالفة لكلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدَّم وهو أحد مشايخ السلفيىن في مصر إن «واجب المسلم أن يأخذ بالدليل مع وافر الحرمة والتقدير لأئمة الفقه والحديث، في القديم والحديث، ولا لَوْمَ في الانتساب المذهبي المجرد من العصبية، هذا هو المذهب الحق، والقول الصدق، وله مخالفة إمامه إلى إمام آخر، حجته في تلك المسألة أقوى، بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له، لا كمن تمذهب لإمام، فإذا لاح له ما يوافق هواه عمل به من أي مذهب كان، محتجًّا بأن الخلاف في الفروع يتسامح فيه على الإطلاق، ومتجاهلًا أنه:
ليسَ كلُّ خلافٍ جاءَ معتبَرًا ... إلا خلافٌ له حظٌّ مِن النظرِ
(١) فتاوى اللجنة الدائمة (٥/ ٢٨ - ٢٩)، السؤال الرابع من الفتوى رقم (٤١٧٢).