للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ يُعَانِدُ بَعْضُ الْفَاعِلِينَ فِي بِدْعَةٍ سُبِقَ إِلَيْهَا فَإِذَا احْتُجَّ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى يَقُولُ أَنَا مَا أَحْدَثْتُ شَيْئًا فَيُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيحُ بِرَدِّ كُلِّ الْمُحْدَثَاتِ سَوَاءٌ أَحْدَثَهَا الْفَاعِلُ أَوْ سُبِقَ بِإِحْدَاثِهَا» (١).

وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ , وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنَةً» (٢).

وقال الإمام مالك - رحمه الله -: «مَنْ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - خَانَ الرِّسَالَةَ؛ لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (المائدة:٣)، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا» (٣).

والبدع إنما تكون في الدين، أما المخترعات والمحدثات في أمور الدنيا والتي تحقق مصالح العباد، وليس فيها ضررٌ عليهم، وليس فيها خُبثٌ فإنها من الحلال؛ لما روى مسلم في صحيحه عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:” أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ”.

ومن أراد تأصيلًا شرعيًّا لمسألة البدع وردًّا على شبهات المفتي فعليه بكتاب (الاعتصام) للإمام الشاطبي المالكي - صاحب كتاب الموافقات -، وكتاب الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ - رحمه الله - عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وقد كان مقررًا لقسم الوعظ والخطابة بالأزهر الشريف.


(١) شرح النووي على مسلم (١٢/ ١٦).
(٢) رواه البيهقي في (المدخل إلى السنن)، برقم (١٩١)، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) (١/ ١٠٤)، برقم (١٢٦)، وابن نصر في (السُنة) برقم (٦٧)، وابن بطة في (الإبانة عن أصول الديانة) (٢/ ١١٢)، وصححه الألباني.
(٣) الاعتصام للشاطبي (١/ ٥٤). الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ٨٥).

<<  <   >  >>