للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمر دنياه التي لم يبعث بسببها، ولا فضّل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان، وأيضًا فقد فسر هذا الفصل الحديث الآخر من قوله حتى يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن، وقد قال سفيان: هذا أشدّ مايكون من السحر، ولم يأت فى خبر منها أنه نقل عنه في ذلك قول بخلاف ماكان أخبر أنه فعله ولم يفعله، وإنما كانت خواطر وتخيلات، وقد قيل: إن المراد بالحديث أنه كان يتخيل الشيء أنه فعله وما فعله، لكنه تخييل لا يعتقد صحته، فتكون اعتقاداته كلها على السداد، وأقواله على الصحة، هذا ما وقفت عليه لأئمتنا من الأجوبة عن هذا الحديث مع ما أوضحنا من معنى كلامهم وزدناه بيانًا من تلويحاتهم، وكل وجه منها مقنع لكنه قد ظهر لي في الحديث تأويل أجلى وأبعد من مطاعن ذوي الأضاليل، يستفاد من نفس الحديث، وهو أن عبد الرزاق (١) قد روى هذا الحديث عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وقال فيه عنهما: سحر يهود بني زريق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجعلوه في بئر حتّى كاد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينكر بصره ثمّ دلّه الله على ما صنعوا فاستخرجه من البئر.

وروي نحوه عن الواقدي (٢) وعن عبد الرحمن بن كعب (٣) وعمر بن


(١) عبد الرزاق في "المصنف" (ج١١ ص١٤) وهو مرسل، والمرسل من قسم الضعيف، ومن رواية معمر عن الزهري وفيها ضعف.
(٢) كما في "الطبقات" (ج١ ص١٩٧) والواقدي كذاب.
(٣) نفس المصدر من طريق الواقدي.

<<  <   >  >>