للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن الله تعالى صانها ممن يريد بها سوءاً لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوءٍ إلا أذابه الله تعالى في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء» (١).

وقد شوهد من أرادها بسوءٍ أَنَّ الله لا يُمْهِلُه، ولا يمكِّن له سلطاناً، بل قد يذهبه عن قريب، كما انقضى من حاربها أيام بني أمية كمَسْلَمة بن عقبة، فإنه هلك في منصرفه عنها، ثم هلاك يزيد بن معاوية الذي أرسله بأثر ذلك، وغيرهما ممن صنع صنيعهما.

وكفى بذلك ما نصه محمد بن إسحاق عن تُبَّع الآخر وهو أسعد بن كرب حين أقبل من المشرق مَرَّ على المدينة ولم يهج أهلها وخلف عندهم ابناً له فَقُتِلَ غيلةً، فجاء مجمعاً بخرابها واستئصال [١٨٥ - أ] أهلها، فأجمع هذا الحي من الأنصار على قتاله، ورئيسهم عمرو بن الطلة أخو بني النجار، وكان رجل من بني النجار قد قَتَلَ قبل ذلك رجلاً من صحابة تبع، وجده يخدُّ عرقاً له، فزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك ويقول: إن قومنا هؤلاء لكرام، إذ جاءه حبران من أحبار يهود بني قريظة مِن أعلم أهل زمانهما فقالا: أيها الملك لا تقاتلهم، فإنا لا نأمن عليك العقوبة، فإنها مهاجر نبي يخرج من هذا الحي من قريش في آخر الزمان هي داره وقراره، فكف عنهم ثم دعواه إلى دينهما فاتبعهما، وقال:


(١) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه رقم (٣٣٨٥).

<<  <   >  >>